في سياق الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا البيانات الضخمة التي تغير تدريجياً طريقة إنتاج المعلومات وتوزيعها واستقبالها، تواجه الصحافة العالمية تغييرات غير مسبوقة في نماذج العمل وأساليب التحقيق، فضلاً عن الأخلاقيات المهنية.
ساهمت التعليقات الموضوعية والعميقة التي أدلى بها صحفيان دوليان من ذوي الخبرة، السيد ناجايو تانيجوتشي، وهو صحفي ياباني مقيم في الاتحاد الأوروبي، والسيد آلان توماس، وهو صحفي فرنسي، في تبادل للآراء مع مراسلي وكالة الأنباء الفنزويلية في بروكسل، في توضيح صورة وسائل الإعلام في العصر الجديد.
وبحسب الصحفي ناغايو تانيغوتشي، فإن الذكاء الاصطناعي هو أداة حسابية تعتمد على القيمة المتوسطة للمعلومة، في حين أن العالم "التناظري" هو مجموع العوامل الاستثنائية والعواطف والمفاجآت والأشياء التي لا يمكن رقمنتها.
ويعتقد أن السماح للروبوتات بأن تحل محل البشر بشكل كامل في وسائل الإعلام ليس أمرا غير قابل للتطبيق فحسب، بل إنه يدمر أيضا الطبيعة الإنسانية والعمق الثقافي للصحافة.
من جانبه، رأى الصحافي الفرنسي آلان توماس أن التطورات التكنولوجية الحالية، وخاصة الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، تعمل على تغيير الأساس الجوهري للصحافة، وهو جمع المعلومات ومعالجتها.
وفي حين أكد السيد توماس أن الوصول العملي يظل عنصرا أساسيا في إنتاج معلومات عالية الجودة، أقر بأن سرعة جمع البيانات وتحليلها التي تتيحها الذكاء الاصطناعي تساعد المؤسسات الإخبارية على الاستجابة بشكل أسرع للاحتياجات السريعة والمتنوعة للجمهور.
ومع ذلك، حذر أيضا من أن الذكاء الاصطناعي قد يطغى على دور الصحفيين إذا لم يتم التحكم فيه بشكل صحيح من حيث الأخلاقيات وتوجيه المحتوى.
أكد السيد آلان توماس قائلاً: "يمكن للذكاء الاصطناعي اقتراح مواضيع بناءً على التوجهات والأذواق، لكنه لا يستطيع أن يحل محل القدرة التحليلية أو الحس المهني أو الشجاعة السياسية للصحفيين. الصحفيون المحترفون وحدهم هم من يستطيعون التعامل مع المعلومات بأعلى درجات المسؤولية، بما يتماشى مع التوجه التحريري والقيم الاجتماعية التي تسعى غرفة الأخبار إلى تحقيقها".
صورة للصحفي الفرنسي آلان توماس. (صورة: VNA)
وبحسب قوله، فإن التحدي الأكبر الذي تواجهه الصحافة اليوم هو خلق قيمة مضافة من الكم الهائل من المعلومات، من خلال اختيار القضايا المناسبة، وتناولها بعمق، ونقلها للجمهور بصدق. ويكتسب هذا أهمية خاصة في ظل انتشار "الأخبار الكاذبة" على نطاق واسع، مما يسهل تضليل الرأي العام.
كما يُحظر على الطبيب الكذب أو إعطاء أمل كاذب لمريضه، يجب على الصحفي أن يكون صادقًا تمامًا في نقل المعلومات. هذا التزام أخلاقي لا يتغير، كما قال.
وهكذا، ورغم أن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا يمكن أن يساعدا الصحافة في جمع المعلومات ومعالجتها، فإن القيم الأساسية للصحافة ــ الحقيقة والإنسانية والأخلاق ــ لا تزال بحاجة إلى الحفاظ عليها وتعزيزها من قبل البشر.
وفي هذا السياق، فإن الحكمة والإبداع والشعور بالمسؤولية لدى كل صحفي محترف ستظل تشكل أساساً متيناً للصحافة للتغلب على التحديات والاستفادة من الفرص ومواصلة خدمة المجتمع في العصر الرقمي.
(فيتنام+)
المصدر: https://www.vietnamplus.vn/vai-tro-khong-the-thay-the-cua-nha-bao-chan-chinh-post1043614.vnp
تعليق (0)