السيد ثاتش كين وطلابه في فصله الخاص. |
لم تكن هناك طاولات أو كراسي، ولا معدات تدريس حديثة، لكن الفصل الدراسي كان دافئًا ومليئًا بالحماس من جانب المعلم، السيد ثاتش كين، وهو ابن الشعب الخميري.
المعلم "بدون شهادة"
قبل أكثر من عامين، قرر السيد ثاتش كين (41 عامًا)، عامل بناء في منطقة كي ساش بمقاطعة سوك ترانج ، افتتاح دورة مجانية ثنائية اللغة لأبناء الخمير في المنطقة. لا تقتصر هذه الدورة على مساعدة الأطفال على فهم اللغة الفيتنامية واستخدامها بطلاقة، بل تساعدهم أيضًا على تذكر كتابات ولغة وثقافة شعبهم.
منذ صغره، أدرك السيد كين أن العديد من الخمير في المنطقة التي عاش فيها كانوا مترددين جدًا في التواصل مع الفيتناميين (لأنهم لا يجيدون الفيتنامية). على العكس، يتعلم أطفال الخمير في المدارس اللغة الفيتنامية بشكل أساسي، ولا تتاح لهم سوى فرصة ضئيلة لتعلم الخمير وكتابتها بشكل صحيح.
أدرك السيد كين هذا القصور، فقرر اتخاذ إجراء. ورغم أنه لم يتلقَّ تدريبًا في أي مدرسة تربوية، إلا أنه، بفضل المعرفة التي اكتسبها من دراسته في مدرسة بالي الثقافية التكميلية المتوسطة الجنوبية، وضع خطط دروسه بنفسه، وبحث في أساليب التدريس، واستقطب الفصل تدريجيًا المزيد من الطلاب.
يوميًا، من الساعة 5:30 إلى 9:00، يصدح منزل كين الصغير بصوتي "هاء" و"أ" الطلاب وهم يقرأون دروسهم. بينهم أطفال في سنّ صغيرة، وكبار في السنّ تجاوزوا الستين، جميعهم شغوفون بالتعلم. تُعلّق اللوحات على الجدران، وتُصبح بلاطات الأرضيات مقاعد، لكنّ جوّ التعلم لا يمل أبدًا.
في صف السيد كين، لا يتعلم الطلاب القراءة والكتابة فحسب، بل يتعلمون أيضًا التواصل والتصرف، ويتعرفون على عادات وتقاليد كل من شعب الخمير والكينه. ويحرص على تقديم محاضرات شيقة وسهلة الفهم، من خلال دمج قصص الحياة مع أمثلة واقعية، مما يُسهّل على طلابه استيعاب الدروس. كما يُنظّم أنشطة ترفيهية للأطفال بعد المدرسة، وأحيانًا يُحضّر لهم وجبات دافئة تُحضّرها زوجته.
بعد انتهاء الدوام المدرسي، يمكن للطلاب اللعب معًا لخلق جو مريح. الصورة: كوك آنه
رحلة المعلم "المتميز"
في الأيام الأولى لافتتاح الصف، واجه السيد كين صعوباتٍ كثيرة. كان الكثيرون لا يزالون مترددين وغير معتادين على الذهاب إلى المدرسة، وخاصةً كبار السن. كان عدد الطلاب يُحصى على الأصابع. لكن عزيمته لم تثنِه. كان يتنقل يوميًا بعد العمل من منزل إلى منزل لتشجيع الناس على الانضمام إلى الصف.
شرح بصبر أن تعلم القراءة والكتابة لا يُساعد الناس على القراءة والكتابة بطلاقة فحسب، بل يُعزز ثقتهم بأنفسهم في الحياة أيضًا. بفضل مثابرته، ازداد عدد من يعرفون صفه. تدريجيًا، أصبح المنزل الصغير ملتقىً للمجتمع، حيث يدرس الناس معًا ويتشاركون الفرح.
على الرغم من حاجته إلى المال لتغطية نفقات الفصل، لا يقبل السيد كين أي رسوم دراسية. يتولى هو وأصدقاؤه في الحي مشاريع بناء صغيرة، ويستثمرون في شراء آلات تقطيع الأرز لتقديم خدمات موسمية. بفضل ذلك، يتمتع بدخل ثابت، ويستطيع مواصلة الفصل دون القلق بشأن الوضع المالي .
كل يوم، بعد العمل، أسرع إلى الصف. هناك أيام أشعر فيها بتعب شديد، لكن مجرد رؤية عيون الأطفال والناس المتلهفين تُزيل كل هذا التعب، شارك كين.
بعد أكثر من عامين من إدارة الصف، ساعد السيد كين مئات الأطفال والشعب الخميري على القراءة والكتابة بطلاقة باللغتين الفيتنامية والخميرية. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تضاءلت تدريجيًا حواجز اللغة وفجوات التواصل بين الشعبين الخميري والفيتنامي.
قال ثاتش هوانغ فوك، البالغ من العمر ١١ عامًا، وهو طالب في الصف، بحماس: "في السابق، كنت أعرف فقط التحدث باللغة الخميرية، لم أكن أعرف القراءة أو الكتابة. بعد بضعة أشهر من الدراسة مع السيد كين، عرفت الكتابة باللغة الخميرية وقرأت الكتب أيضًا."
بفضل هذه الدورة، لم يقتصر الأمر على الأطفال فحسب، بل اكتسب كبار السن أيضًا ثقة أكبر في التواصل. قالت السيدة ثاتش ثي ني (38 عامًا): "عندما كنت صغيرة، كانت عائلتي فقيرة، لذا لم أدرس إلا حتى الصف الثاني. ولأنني لم أكن أتقن اللغة الفيتنامية، كنت أشعر بخجل شديد من التواصل كلما ذهبت إلى السوق أو إلى حفلة. بفضل دورة السيد كين، أستطيع الآن التحدث مع الجميع براحة أكبر."
في كل دورة، يُجري السيد كين اختبارات لتقييم تقدم الطلاب. ويدرس الأطفال الذين يستوفون الشروط البرنامج المتقدم ويحصلون على حوافز. وهذا لا يُشجع الأطفال على الدراسة فحسب، بل يُعزز ثقة القرويين بهذه الدورة.
رغم أنه لم يصعد رسميًا إلى المنصة، إلا أن السيد ثاتش كين قام بأشياء جعلت الناس يحترمونه ويلقبونه بـ"معلم" شعب الخمير. فهو لا يعلّمهم فحسب، بل يساعدهم أيضًا على اكتساب الثقة، وكسر حواجز التواصل، والأهم من ذلك، الحفاظ على الهوية الثقافية لشعبه.
فصل السيد كين ثنائي اللغة ليس مجرد مكان للتعلم، بل هو أيضًا مساحة للتواصل مع المجتمع، حيث يفخر الجميع بجذورهم ومستعدون للاندماج والتطور. أصبحت الدروس تحت الشرفة البسيطة سندًا روحيًا، حيث تمتزج المعرفة والإنسانية.
قصة صف السيد ثاتش كين خير دليل على قوة الشغف والمثابرة. فالإنسان العادي، بقلبه الكريم وعزيمته، قادر على إحداث تغييرات استثنائية. وفي ريف سوك ترانج الصغير، لا يزال صفه يضيء كل ليلة، حاملاً المعرفة والأمل لأجيال من شعب الخمير.
المصدر: https://giaoducthoidai.vn/lop-hoc-song-ngu-cua-nguoi-thay-dac-biet-post720177.html
تعليق (0)