تقع دولة قطر في شرق شبه الجزيرة العربية، بمساحة تزيد قليلاً عن 11,500 كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها حوالي 3 ملايين نسمة. وقد حققت إنجازات تنموية اجتماعية واقتصادية باهرة، حيث يُعدّ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من بين الأعلى عالميًا. وقد ذُكر اسم قطر عالميًا عندما استضافت عاصمتها، الدوحة، جولة الدوحة لمنظمة التجارة العالمية عام 1999، واستضافت مؤخرًا كأس العالم 2022. وخلال زيارته الرسمية لدولة قطر، أكد رئيس الوزراء فام مينه تشينه لقادة البلاد أن فيتنام قادرة على الاستفادة من قطر في العديد من التجارب الجيدة من حيث الفكر والرؤية والإجراءات اللازمة لبناء وتطوير البلاد.
ودّعت فيتنام العاصمة السعودية الرياض، بعد رحلة استغرقت أكثر من ساعة بقليل، طائرة رئيس الوزراء فام مينه تشينه وزوجته، برفقة وفد فيتنامي رفيع المستوى، ووصلت إلى مطار الدوحة الدولي في زيارة رسمية لدولة قطر. ورغم بُعد فيتنام وقطر الجغرافي، إلا أنهما تتمتعان بتبادلات اقتصادية وتجارية نابضة بالحياة، وثقة سياسية راسخة. ويوجد حاليًا خط طيران مباشر بين فيتنام وقطر، مما يُسهم في تعزيز التبادلات بين البلدين.
تُعزز قطر استراتيجيتها للتنويع الاقتصادي، مُطبّقةً بذلك رؤية قطر الوطنية 2030، مُركّزة على تطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية والغازية، كالصناعة والخدمات والتكنولوجيا المتقدمة والرعاية الصحية والتعليم ، وغيرها. كما تنتهج فيتنام استراتيجيةً مُماثلةً من خلال تطوير هيكلها الاقتصادي بنشاط، مُركّزة على مُحرّكات النمو الجديدة والصناعات الناشئة. وبفضل خصائصهما وإمكاناتهما ومزاياهما المُتميّزة، يُمكن للاقتصادين أن يُكمّلا بعضهما البعض بفعالية واستدامة.
ورحب جميع القادة القطريين، من الملك ورئيس الوزراء ورئيس الجمعية الوطنية، برئيس الوزراء فام مينه تشينه باحترام كبير ودفء وانفتاح وثقة؛ وأكدوا أن الشعوب العربية ودولها بشكل عام وقطر بشكل خاص لديها مشاعر عميقة تجاه فيتنام، معجبين بالتقاليد التاريخية المجيدة لفيتنام في الماضي وإنجازات التنمية العظيمة التي حققتها فيتنام اليوم.
خلال لقائه بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أعرب رئيس الوزراء فام مينه تشينه عن انطباعه عن تصريح الأمير: "العلاقات الفيتنامية القطرية لا حدود لها"، مؤكدًا اهتمام الأمير ومحبته لفيتنام وللعلاقة بين البلدين. وأكد الأمير بشدة انفتاح قطر الدائم على أنشطة التعاون مع فيتنام، واقترح على الجانبين البحث عن مجالات تعاون مشتركة، وتعزيز فرص تعاون جديدة ومحددة ومهمة، لا سيما في مجالات الاستثمار الاستراتيجي الوطني، ومشاريع البنية التحتية الكبرى، وغيرها.
وافق رئيس الوزراء فام مينه تشينه على هذه المقترحات، وطلب من أمير قطر مواصلة الاهتمام بالعلاقات الفيتنامية القطرية ودعمها، وتحقيق عزم والتزام قادة الجانبين، بما في ذلك النظر في إجراء مفاوضات مبكرة وتوقيع وثائق مهمة، ووضع إطار قانوني متين للتعاون الثنائي. وعقد رئيس الوزراء فام مينه تشينه اجتماعًا ناجحًا للغاية مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني. واتفق الزعيمان على الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى جديد قريبًا، مؤكدين أن فيتنام وقطر لا تزالان تتمتعان بإمكانات كبيرة للتعاون الاستثماري لتعزيز العلاقة السياسية القائمة على الثقة والتميز.
وأكد رئيس الوزراء فام مينه تشينه أن فيتنام تقدر دائمًا "الوقت" و"الذكاء"، معربًا عن أمله في أن تزيد صناديق الاستثمار القطرية من استثماراتها في فيتنام في مجالات البنية التحتية الاستراتيجية والطاقة والموانئ البحرية وإنتاج وتجهيز المنتجات الزراعية والمائية؛ وتكنولوجيا المعلومات، والتحول الرقمي، والتحول الأخضر، والتنمية المستدامة، وتغير المناخ، وتطوير صناعة الحلال، وما إلى ذلك.
حظي التعاون مع فيتنام بدعم قوي من البرلمان القطري. وقد حضر رئيس البرلمان حسن بن عبد الله الغانم إلى بهو البرلمان القطري للترحيب برئيس الوزراء فام مينه تشينه واحتضانه بحرارة خلال اللقاء. ومنذ جملته الافتتاحية، أقرّ الغانم بسعادة بأنه في نفس عمر رئيس الوزراء فام مينه تشينه، مما أضفى على اللقاء جوًا من البهجة والود، متحررًا من القيود الدبلوماسية.
واقترح إنشاء جمعية صداقة برلمانية بين البلدين قريبًا لتبادل الآراء بانتظام واقتراح تدابير لتعزيز التعاون البرلماني. من جانبه، اقترح رئيس الوزراء فام مينه تشينه التنسيق الوثيق بين المجلسين الوطنيين في البلدين، ودعم التنفيذ الفعال لآليات التعاون الثنائي، والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى جديد.
لقد أبهرتنا لقاءات رئيس الوزراء فام مينه تشينه مع الوزراء وقادة المؤسسات القطرية. تمتلك قطر حاليًا "ورقة رابحة" في سباق التحول إلى الطاقة الخضراء النظيفة - الغاز الطبيعي المسال، فهي أكبر مُصدّر لهذا النوع من الطاقة الذي يتطلع إليه العالم أجمع.
خلال الاجتماع مع رئيس الوزراء فام مينه تشينه، صرّح وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري والرئيس التنفيذي لشركة قطر للطاقة، سعد بن شريده الكعبي، قائلاً: "أنا ورئيس الوزراء نتمتع بخلفيات تقنية، لذا أقول دائمًا: ١ + ١ = ٢، وبكل وضوح!". وأضاف أنه مُلِمٌّ باحتياجات فيتنام من الطاقة في المرحلة الحالية، وأشار إلى أن قطر، في مجال الغاز الطبيعي المسال، تتمتع بخبرة طويلة، وغالبًا ما تتعاون مع شركاء ذوي رؤية بعيدة المدى (من ١٥ إلى ٢٥ عامًا)؛ مؤكدًا أن الغاز الطبيعي المسال سيظل في السنوات القادمة طاقة نظيفة، وستلعب دورًا محوريًا في تحوّل الطاقة في الدول.
كما نصح الحكومة الفيتنامية بوضع آليات سياسية مناسبة لمجموعة فيتنام للنفط والغاز (بتروفيتنام) للتعاون بسلاسة مع شريكها القطري في هذا المجال. واتفق رئيس الوزراء فام مينه تشينه مع هذا الرأي، قائلاً إنه في مجال أعمال الغاز الطبيعي المسال - وهي طاقة تحتاجها فيتنام للتنمية الصناعية - من الضروري أن يكون هناك تعاون طويل الأمد ومستدام، مما يضمن انسجام مصالح جميع الأطراف؛ معربًا عن أمله في أن تدعم قطر شركة بتروفيتنام لإنتاج الكهرباء من الغاز دون الاعتماد على شركاء آخرين. وأكد وزير الدولة دعمه الكامل لمقترح رئيس الوزراء بشأن التعاون في مجال الغاز الطبيعي المسال بين فيتنام وقطر، قائلاً إنه سيزور فيتنام للترويج لاتفاقية التعاون هذه والجمع بين السياحة والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة لفيتنام.
يُعدّ العمل أيضًا مجالًا ذا أهمية كبيرة لكلا البلدين خلال هذه الزيارة. وخلال اجتماعه مع وزير العمل القطري علي بن سعيد بن صميخ المري، أكد رئيس الوزراء فام مينه تشينه أن فيتنام تتمتع بمزايا القوى العاملة، وأن قطر لديها طلب كبير عليها، مما يتيح للجانبين التعاون والدعم بشكل أكثر استدامة واستقرارًا ومنهجية.
هذه مسألةٌ ينبغي على الجانبين الاهتمام بها وتعزيز التعاون في هذا المجال على نحوٍ معمق ومستدام وطويل الأمد. وعليه، علينا إتمام اتفاقية العمل وتوقيعها في الوقت المناسب. وقد أكد وزير العمل القطري أن بلاده لديها طلبٌ كبير على العمالة الأجنبية، ولذلك فهو مستعدٌّ لتعزيز التعاون واستقبال العمالة من فيتنام، التي تتمتع بقوى عاملة وفيرة وشابة وذات مهارات عالية. وخلال السنوات السبع أو الثماني المقبلة، ستحتاج قطر إلى الكثير من العمالة الماهرة في قطاعات الفنادق والمطاعم والرعاية الصحية والتعليم والنقل وغيرها.
اتفق الوزير مع رئيس الوزراء فام مينه تشينه على أهمية بناء مراكز تدريب للعمالة في فيتنام قبل التوجه للعمل في قطر. وخلال لقائه مع وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات القطري محمد بن علي بن محمد المناعي، أعرب الجانب الآخر عن تقديره لمؤهلات القوى العاملة الفيتنامية في مجال تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني، وأعرب عن رغبته في التعاون في هذا المجال. واقترح رئيس الوزراء فام مينه تشينه صيغةً لتعاون ناجح بين الجانبين، وهي: التعاون مع الموارد البشرية الفيتنامية + المالية القطرية + العلاقات الجيدة بين البلدين + السوق القطرية؛ وقال إن الصيغة متاحة، ولكن نجاحها من عدمه، ونتائجها أو منتجاتها المحددة من عدمه، يعتمد على "شغف" وعزيمة الوزراء المعنيين في البلدين...
كانت الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الوزراء فام مينه تشينه وزوجته، برفقة الوفد الفيتنامي رفيع المستوى، إلى دولة قطر ناجحة للغاية، وشكلت معلماً مهماً، وخلقت زخماً لتعزيز الصداقة والتعاون المتعدد الأوجه بين البلدين إلى مرحلة جديدة وأعمق؛ وفي الوقت نفسه، وبعد نجاح رحلة العمل في الشرق الأوسط إلى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، فتحت أفقاً واسعاً للتعاون مع هذه المنطقة المليئة بالموارد والإمكانات.
[إعلان 2]
المصدر: https://nhandan.vn/huong-toi-chan-troi-hop-tac-rong-mo-post842661.html
تعليق (0)