في السنوات الأخيرة، اكتسبت الأغاني الفيتنامية التقليدية تدريجيًا "مظهرًا جديدًا" بفضل التوزيعات الحديثة والمبتكرة. أصبحت الأغاني التي ارتبطت بذكريات الأجيال السابقة أكثر حيوية من أي وقت مضى مع تجديدها بألحان وإيقاعات مألوفة لدى الجمهور الشاب. لا تقتصر هذه الإصدارات الجديدة على إثارة الفخر الوطني فحسب، بل تُنشئ أيضًا جسرًا بين الأصالة والمعاصرة، مما يُسهم في استمرار صدى الثقافة الفيتنامية على نطاق واسع ونشر قيمها في الحياة المعاصرة.
هذا العام، أصبحت عروضٌ عديدةٌ احتفالاً بيوم المعلم الفيتنامي ظاهرةً على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أبهرت الجمهور بمزيجها المتقن بين الفن التقليدي والأداء الحديث. ومن أبرزها رقصة التنين المتقنة التي قدمها طالبٌ من مدرسة تيان دو 1 الثانوية، باك نينه . على أنغام موسيقى موت فونغ فيتنام التي يؤديها المغني تونغ دونغ، أعادت كل حركة رقصٍ بارعةٍ تجسيد صورة تنينٍ مهيبٍ يمتد فوق أرض فيتنام وسماءها. بعد أيامٍ قليلةٍ من نشرها، حصد المقطع أكثر من 11 مليون مشاهدة ومئات الآلاف من المشاركات، مما أثار موجةً من الفخر والمشاعر الجياشة في قلوب المشاهدين.
أداء رقصة التنين لطلاب مدرسة تيان دو الثانوية الأولى، باك نينه. لقطة شاشة |
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل ترك أداء طلاب الصف التاسع A1 بمدرسة هوان سون الثانوية في باك نينه انطباعًا قويًا بعرضٍ مُشبعٍ بالهوية الوطنية. يجمع هذا العرض بين أغانٍ شهيرة مثل "أغنية الأرض الجنوبية" و"فيتنام المقدسة" و"جولة فيتنام"، إلى جانب الأزياء التقليدية والرقصات الإبداعية، ليُمثل تحيةً قيّمة، وينشر أيضًا حب الوطن بين جمهورٍ واسع. وقد حصد المنشور الخاص بهذا العرض أكثر من 100,000 إعجاب و5,000 مشاركة، مما يُظهر جاذبية الفن المدرسي عند استثماره بشكل صحيح.
كان أداءٌ آخر متميزٌ بنفس القدر هو أداءُ أغنية "تشيك خان بيو" لطلاب مدرسة لي كوي دون الثانوية، خان هوا . حصد هذا الأداء، الذي حصد أكثر من 36,000 إعجاب، إحياءً للأغنية المألوفة، بل حظي بإعجاب الجمهور الكبير بفضل دمجه مع توزيعٍ حديثٍ من عرض "أنه تراي فونغان كونغ غاي". وأشار تعليقٌ أسفل المنشور إلى أنه بدون هذه التوزيعات الإبداعية، سيكون من الصعب إثارة حماس الشباب للأغاني التقليدية.
تُشير ظاهرة العروض "الفيروسية" على وسائل التواصل الاجتماعي إلى اتجاه إيجابي: فالأغاني التقليدية، عند تجديدها بشكل صحيح، لا تحافظ على قيمها الأساسية فحسب، بل تصبح أيضًا أكثر جاذبية لجيل الشباب. ومن الأمثلة النموذجية على ذلك الريمكسات من برنامج "أنه تراي فونغان كونغ غاي"، بأغانٍ مثل "ترونج كوم"، و"مي يو كون"، و"أو موا دونغ"، و"ترو في". إن الجمع بين العناصر الشعبية والحديثة لا يُجدد اللحن فحسب، بل يُضفي حيوية على كل أغنية، مما يجعل الجمهور يشعر بوضوح أكبر بجمال الثقافة الفيتنامية.
عزف على الطبول في برنامج "الأخ يتخطى آلاف العقبات". تصوير: توي تري |
أكد الفنان الشعبي تو لونغ، أحد أبرز المواهب في البرنامج، ذات مرة : "الثقافة هي جوهر الأمة وأصلها. ونسعى من خلال سردنا لهذه القصة الثقافية إلى مواصلة القيم التقليدية، حتى يتمكن شباب اليوم من فهم تراث الأمة العريق والتعمق فيه وحبه أكثر". ومن هذا الفهم العميق، أُعيدت صياغة القيم التقليدية بأسلوب جذاب، مما ساهم في تقريب الموسيقى التقليدية من الحياة العصرية.
لا تقتصر عروض الفنون الأدائية في ساحات المدارس على كونها ساحة فنية فحسب، بل تحمل أيضًا دلالات تربوية عميقة. فعندما تُجدد أغاني الوطن وتُعبّر عنها من خلال عروض إبداعية، فإنها لا تنقل رسالة وطنية فحسب، بل تُثير أيضًا الفخر الوطني، وتُشجع روح التعلم والتفاني لدى الأجيال الشابة.
من خلال العروض الرائعة على مواقع التواصل الاجتماعي، يتضح جليًا أن الموسيقى التقليدية تحظى دائمًا بمكانة خاصة في قلوب الشعب الفيتنامي، بغض النظر عن فارق الزمن أو الأجيال. المهم هو كيفية تجديدها وإعادتها إلى سياقها المعاصر، ليس فقط للحفاظ على القيم النبيلة للأمة، بل لنشرها أيضًا.
بالنظر إلى المستقبل، فإن إحياء الأغاني القديمة ليس فقط وسيلةً للحفاظ على التراث، بل هو أيضاً مصدر إلهامٍ قوي للشباب. من خلال العروض، لا يكتسب الطلاب معرفةً بالتاريخ والثقافة فحسب، بل يكتسبون فهماً أعمق لمسؤوليتهم تجاه وطنهم. هذا درسٌ قيّم، إذ لا يقتصر حب الوطن على قلوب الجميع، بل يصبح أيضاً ممارسةً عمليةً في الحياة اليومية.
تعليق (0)