إن حماية الأطفال عبر الإنترنت ليست قضية جديدة، ولكن من الواضح أن هناك العديد من الثغرات.
قالت عضوة الجمعية الوطنية، نجوين تي فيت نغا، إنه من الضروري تزويد الأطفال بالمهارات والمعرفة في بيئة الإنترنت. (صورة: المجلس الوطني للثقافة والفنون) |
أعلنت وزارة الإعلام والاتصالات مؤخرًا عن سلسلة انتهاكات لتطبيق تيك توك في فيتنام، احتوى العديد منها على محتوى ضار بالأطفال، مما أثار دهشة الرأي العام. ومن هنا، تبرز أهمية حماية الأطفال من المحتوى الضار على منصات التواصل الاجتماعي.
فيتنام دولة وقّعت على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في وقت مبكر، إلا أن تطبيقها لا يزال يواجه العديد من العقبات. وبصورة أدق، هناك بعض البنود التي لم تُنفّذ بشكل جيد، وفعاليتها متدنية. هناك جوانب من حقوق الطفل لم تُولَ الاهتمام الكافي. إن الحماية الشاملة للأطفال في حياتهم مطلب مشروع، بل مطلب مشروع، لتوفير أفضل بيئة وظروف لنموهم.
أطفال اليوم - عالم الغد، يحفظ الجميع تقريبًا هذا الشعار عن ظهر قلب. لكن كيفية تنشئتنا ورعايتنا لـ"عالم الغد" لا تزال موضع جدل كبير. حماية الأطفال على الإنترنت ليست قضية جديدة، ولكن من الواضح أن هناك ثغرات كثيرة.
مع التطور السريع والقوي للإنترنت والأجهزة التكنولوجية، تفتقر بلادنا إلى اللوائح القانونية المتعلقة بحماية الأطفال في البيئة الإلكترونية، كما أنها غير متزامنة. ويضطر النظام التكنولوجي لجمع البيانات ومراقبتها إلى البحث عن معلومات ضارة. كما أن اللوائح المحددة المتعلقة بمسؤوليات وصلاحيات القطاعات والمستويات المعنية بحماية الطفل غير كافية، وهي غير قوية بما يكفي لتطبيقها.
تشير إحصاءات وزارة الإعلام والاتصالات إلى أنه اعتبارًا من سبتمبر 2022، بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في فيتنام حوالي 70 مليونًا، بزيادة قدرها 0.8٪ في الفترة 2020 - 2021 (ما يمثل أكثر من 70٪ من السكان)؛ يبلغ عدد مستخدمي الشبكات الاجتماعية في فيتنام ما يقرب من 76 مليونًا، بزيادة قدرها 10 ملايين شخص تقريبًا في غضون عام واحد (ما يعادل 73.7٪ من السكان).
بهذا الرقم، تحتل فيتنام المرتبة الثانية عشرة عالميًا من حيث عدد مستخدمي الإنترنت، وتحتل المرتبة السادسة من بين 35 دولة/إقليمًا في آسيا. يقضي المستخدمون الفيتناميون ما يقارب 7 ساعات يوميًا في أنشطة متعلقة بالإنترنت، وتصل نسبة مستخدمي الإنترنت في فيتنام الذين يستخدمونه يوميًا إلى 94%.
في السنوات الأخيرة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية لمعظم الفيتناميين. وفي الوقت نفسه، شهدت فيتنام زيادة في استخدام الهواتف الذكية والإنترنت. وبفضل شبابها المتمكنين رقميًا والمتصلين بالإنترنت بكثرة، تُعد فيتنام من الدول التي تضم أكبر عدد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم.
في عصر الثورة الرابعة، يجب على كل فرد السعي باستمرار لتحديث أحدث إنجازات العلوم والتكنولوجيا. ولكن يبدو أننا نهتم فقط بالعوامل الموضوعية، أي المعرفة وأساليب تطبيق تكنولوجيا المعلومات، دون إيلاء الاهتمام الكافي للعوامل الذاتية. هذه هي ثقافة السلوك في الفضاء الإلكتروني، ومهارات حماية النفس وأحبائنا (بما في ذلك الأطفال) في "العالم الافتراضي"، وهي مهارات واقعية للغاية.
من الضروري إنشاء "لقاح رقمي" للأطفال في بيئة الإنترنت. (المصدر: VNA) |
لذلك، تُغمر شبكات التواصل الاجتماعي بمعلومات سامة وحساسة ومضرة للأطفال دون أي عوائق. في الوقت نفسه، يسهل على الأطفال الوصول إلى هذه الشبكات بفضل امتلاكهم للأجهزة التكنولوجية (أجهزة الكمبيوتر، والهواتف الذكية، وأجهزة الآيباد، وغيرها) التي تلبي احتياجاتهم التعليمية والترفيهية.
في الواقع، الأطفال غير محميين تقريبًا في الفضاء الإلكتروني، إذ يمكنهم الوصول إلى أي معلومات ومحتوى. وكثير منها ضار وضار بالأطفال، وهو أمر مقلق للغاية. لذلك، لا يسعنا التردد بعد الآن في اتخاذ إجراءات لحماية الأطفال في الفضاء الإلكتروني.
برأيي، هذا أمر بالغ الأهمية، لأن شبكات التواصل الاجتماعي تجذب الأطفال والبالغين على حد سواء. في العصر الرقمي، لا يمكننا منع الأطفال من استخدام هذه الشبكات، بل يجب وضع إجراءات إدارية صارمة وفعالة لحمايتهم. وإلا، فسيكون للمحتوى الضار على هذه الشبكات تأثير سلبي للغاية على تكوين شخصيات الأطفال، ومن ثم ستنشأ عواقب وخيمة.
لذلك، من الضروري وجود تدابير وأدوات لضمان سلامة معلومات الأطفال الخاصة. وعندما نتحدث عن أدوات الحماية، فإننا نتحدث عن اللوائح القانونية. برأيي، من الضروري مراجعة جميع اللوائح المتعلقة بحماية الأطفال في الفضاء الإلكتروني للتأكد من أنها شاملة وصارمة بما يكفي لمواصلة تحسينها. وفي الوقت نفسه، من الضروري توعية كل فرد بهذه القضية.
في كثير من الأحيان، لا يدرك الآباء والأمهات تمامًا الآثار الضارة للمعلومات السيئة والسامة على مواقع التواصل الاجتماعي على أطفالهم. ولا يستطيع الكثير منهم التمييز بدقة بين المعلومات السيئة والمعلومات التي يُسمح للأطفال بالاطلاع عليها. وغالبًا ما تُنشر أسرار الأطفال الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ببراءة، من قِبل آبائهم وأقاربهم. أود التأكيد على ضرورة بذل كل فرد جهدًا حقيقيًا للتكيف مع العصر الرقمي، بدءًا من العوامل الذاتية.
تجدر الإشارة إلى أن البعض يعتقد أن إحياء الثقافة يتطلب أولاً إحياء الثقافة الإلكترونية. لكنني لا أعتقد ذلك. فالثقافة مفهوم واسع جدًا، وعناصرها حاضرة في جميع الأنشطة والمجالات وعناصر الحياة الاجتماعية. لا يمكن تقسيمها إلى قسمين: البدء بإحياء الثقافة، ثم الانتقال إلى المجال الآخر. كيف يُمكننا إحياء الثقافة الإلكترونية إذا لم نُحييها في حياتنا الاجتماعية اليومية، وفي حياتنا الواقعية، ولم نُعر اهتمامًا كافيًا لتنمية القيم الثقافية؟
أعتقد أن تطهير الفضاء الإلكتروني ضروري في الفترة الحالية. ومع ذلك، لا تزال مواردنا البشرية المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات نادرة، بل إن الموارد البشرية عالية الكفاءة في هذا المجال أكثر ندرة. ووفقًا لتقرير الحكومة، تُقدر نسبة الموارد البشرية المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات حاليًا من إجمالي القوى العاملة في فيتنام بنحو 1% فقط، وهي نسبة أقل بكثير من مثيلتها في الدول التي تتمتع بتكنولوجيا معلومات قوية. وهذا أيضًا ضعفٌ يجعل إدارة الدولة لتكنولوجيا المعلومات تعاني من العديد من أوجه القصور.
وبناءً على ذلك، ثمة حاجة إلى حلول متزامنة. مراجعة المؤسسات بشكل عاجل وفعال لتعديلها وتحديثها بما يتناسب مع الواقع. تعزيز التعليم والتدريب والتركيز عليهما، وخاصةً تدريب كوادر بشرية عالية الكفاءة في مجال تكنولوجيا المعلومات. وفي الوقت نفسه، إيلاء الاهتمام اللازم لأعمال التواصل، ليكتسب كل فرد معرفةً أوسع بشبكات التواصل الاجتماعي، وكيفية التصرف وحماية نفسه وأحبائه في الفضاء الإلكتروني، وخاصة الأطفال.
بالإضافة إلى ذلك، لحماية الأطفال من مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، يُعدّ تزويدهم بالمعارف والمهارات الرقمية المناسبة لأعمارهم أمرًا بالغ الأهمية. يُعدّ هذا بمثابة "لقاح رقمي" يُمكّن الأطفال من التفاعل بأمان ومعرفة كيفية حماية أنفسهم في الفضاء الإلكتروني.
[إعلان 2]
مصدر
تعليق (0)