في قلب ريفٍ فقير بمنطقة با ثوك الجبلية، بمقاطعة ثانه هوا ، يعيش معلمٌ متميزٌ - تران فان هوا، البالغ من العمر 43 عامًا. لا ساقان سليمتان، ولا سبورة، ولا منصة مناسبة، ولكنه لأكثر من عشر سنوات، يُقدم المعرفة بلا كللٍ لمئات الطلاب الفقراء، مُستخدمًا كرسيه المتحرك القديم وقلبه المفعم بالحب.
في عام ٢٠٠٩، أثناء عمله مُعلّمًا للرياضيات في مدرسة ابتدائية ببلدية آي ثونغ، تعرض السيد هوا لحادث سير خطير أدى إلى بتر ساقيه. من رجل سليم يُحب عمله وشغوف بالتدريس، أصبح مُعاقًا واضطر لاستخدام كرسي متحرك طوال حياته.
"في تلك اللحظة، ظننت أن حياتي قد انتهت. لم أعد أستطيع الوقوف في الفصل، ولم أعد أرى أعين الطلاب المتلهفة في كل فصل... كنت يائسًا تقريبًا"، يتذكر السيد هوا، وعيناه غارقتان في التفكير.
ولكن بعد ذلك، في خضم الأيام الأكثر ظلمة في الحياة، جاءت معجزة من طفل.
في ظهيرة أحد الأيام، اقتربت فتاة في التاسعة من عمرها تقريبًا، ابنة الجيران، من المعلمة وسألتها بخجل: "يا معلمة، هل يمكنكِ تعليمي الرياضيات؟ أنا على وشك أداء امتحانات الفصل الدراسي... أمي أمية." كان هذا السؤال، الذي بدا بسيطًا، بمثابة ضوء خافت يتلألأ في الظلام، يُعيد إحياء إيمان السيد هوا.
المعلم هوا مع طلابه - الصورة: مقدمة من المؤلف
فصل دراسي خاص تحت الشرفة
منذ ذلك اليوم، بدأ السيد هوا، كل عصر، تحت الشرفة الصغيرة أمام منزله، بفتح فصول دراسية خيرية مجانية للأطفال الفقراء والأيتام أو من يمرون بظروف صعبة. في غياب مكاتب وكراسي مناسبة، جلس الطلاب على الحصير، مستخدمين دفاترهم للكتابة على ركبهم. أما هو، فكان يجلس على كرسي متحرك، يُعِدّ خطط الدروس، ويُدرّس بكل شغف.
في البداية، كان عدد الطلاب ثلاثة أو أربعة فقط، ثم انتشر الخبر في الحي، فازداد عدد الطلاب تدريجيًا. في بعض الأيام، كان الفصل يكتظ بأكثر من عشرين طالبًا. كان بعض الطلاب يقطعون مسافة خمسة إلى ستة كيلومترات سيرًا على الأقدام ليستمعوا إلى المعلم وهو يُلقي درسًا.
ما يميز الأستاذ هوا أنه لا يُعلّم الطلاب الحروف فحسب، بل يُعلّمهم أيضًا كيف يكونون أشخاصًا صالحين، وكيف يُقدّرون الامتنان، وكيف يطمحون للحياة. كثيرًا ما يروي لطلابه قصته، لا ليشكو من مصيره، بل ليُساعدهم على فهم أنه: "مهما كانت الحياة قاسية، إذا حافظنا على طيبة قلوبنا وإيماننا، يُمكننا العطاء والسعادة".
رحلة زرع الحروف بالرحمة
العديد من الطلاب الذين درسوا في صف السيد هوا هم الآن طلاب جامعيون ومهندسون ومعلمون مستقبليون. عاد بعضهم لمساعدته في التدريس خلال الفصول الدراسية المزدحمة. قال نجوين فان تو، طالب في السنة الثانية بجامعة هوي للتربية: "لولا صف السيد هوا، لتركت الدراسة في الصف السادس. هو من منحني الإيمان والأحلام. سأصبح معلمًا لأواصل عملي كمعلم في مدينتي".
رغم عدم استقرار دخله، ينفق السيد هوا شهريًا جزءًا من إعانة الإعاقة لشراء دفاتر وأقلام ومساطر لطلابه. في إحدى السنوات، عندما اجتاحت الفيضانات وانهيار العديد من المنازل، لم يكن لدى الطلاب كتب، فطلب الكتب القديمة من الجمعيات الخيرية لصيانة الفصل الدراسي.
تأثرت السيدة نجوين ثي هوا، وهي أم لطفلين في فصل المعلم، قائلةً: "لولاه، لما كان الأطفال هنا يعرفون القراءة والكتابة. كما أنه يعتني بالحلويات والملابس القديمة للأطفال. إنه فقير للغاية، لكن جميع سكان الحي يحبونه كأبنائهم".
انتشرت قصة السيد هوا على مواقع التواصل الاجتماعي، وحصدت عشرات الآلاف من المشاركات. وتبرعت العديد من الجمعيات الخيرية بتوفير الكتب والألواح والملاجئ للفصل الصغير. لكنه ظل متواضعًا: "لا أفعل إلا الأشياء العادية. أسعد ما في الأمر هو رؤية ابتسامات الأطفال ومعرفتي أنني ما زلتُ مفيدًا".
في عام ٢٠٢٢، كرّمه اتحاد شباب مقاطعة ثانه هوا بلقب "قدوة الحياة الجميلة"، ومنحه رئيس اللجنة الشعبية للمقاطعة شهادة تقدير لمساهماته المجتمعية. لكن أعظم مكافأة، في رأيه، هي "حب طلابه وثقة الشعب".
المصدر: https://thanhnien.vn/nguoi-thay-tren-chiec-xe-lan-185250627141511521.htm
تعليق (0)