في تربية الأطفال، يُعدّ تقديم الكبار قدوةٍ لهم ليقتدوا بها ويحذوا حذوهم أبسط وأشهر طريقةٍ لنقل المعرفة والمهارات والقيم. مع ذلك، ينبغي ألا تُطبّق النمذجة إلا في المراحل المبكرة عند طرح الأفكار والإشارة إلى أساليب الكتابة. فالإفراط في استخدام النمذجة قد يُؤدي إلى فقدان الإبداع وتكوين عادة الاعتماد على الكبار لدى الأطفال.
في عالمنا الرقمي، يُمكن نشر كل ما نقوم به. يُعدّ استخدام أفكار ومنتجات الآخرين وترويجها على أنها ملكك أو عدم ذكر اسمك من المحرمات، مما يؤدي إلى مخاطر أخلاقية.
دفعت حادثة الانتحال في مسابقة أولمبياد العباقرة المنظمين إلى سحب جائزة الطالب ومنع مُدرِّسه من الإشراف حتى نهاية عام ٢٠٢٤، تاركةً درسًا مفاده أن التركيز على إنجازات الكبار قد جرّ الطلاب، دون قصد، إلى دوامة من الخداع وعدم احترام الآخرين وأنفسهم، مما أضرّ بغرور الطفل بسبب الغش وعدم الاحترافية. كما أنها تحرم الطالب من أي فرصة للدراسة في الولايات المتحدة مستقبلًا، حتى لو كان مؤهلًا، لمجرد أن "ندبة" النزاهة الأكاديمية قد كُشِفَت في وسائل الإعلام.
صورة توضيحية: VNA |
لنكن صريحين مع بعضنا البعض. كم من الآباء استخدموا، وما زالوا، وسيستخدمون، مواردهم المالية ومكانتهم الاجتماعية للتأثير على أبنائهم لتحقيق إنجازات تفوق قدراتهم الفعلية؟ كم من المعلمين ما زالوا يُدمرون، ببراءة، قدرة الأطفال الصغار على التفكير المستقل والإبداعي من خلال منحهم أفكارًا، أو تقديم نماذج، أو حتى القيام بأشياء نيابةً عنهم، لمساعدة الطلاب على الفوز بالجوائز، وبالتالي بناء شخصيتهم المميزة؟
إن طبيعة المسابقات المدفوعة، وحصر الفوز بألقاب مثل أولمبياد العباقرة، لا تُعدّ سوى فرصة للأطفال للتواصل والتجربة وتوسيع مداركهم. لكن الكبار شوّهوا معناها، فحوّلوها إلى سباق نحو الإنجاز، أو مجرد طبقة من الطلاء لتلميع مظهر ملفات الإنجاز التي يفتقر الآباء إلى الثقة بها.
لا حرج في رغبة طفلك في الدراسة في أفضل مدارس العالم. إذا حدد الطلاب أهدافهم الخاصة، وكان لديهم طموحات والتزامات ودوافع لتحقيق جميع متطلبات المعدل التراكمي، واختبار الآيلتس، والأنشطة الاجتماعية، والبحث العلمي ، وما إلى ذلك، فلا داعي للنقاش. لكن يضطر العديد من الآباء إلى دفع عشرات، بل مئات الملايين، لمراكز استشارات الدراسة في الخارج لتحسين صورهم الشخصية، بينما يكتفي الطلاب بالجلوس وانتظار موعد المغادرة، فالأمر مختلف تمامًا.
النتيجة المباشرة هي أن العديد من الطلاب يتم قبولهم في مدارس ممتازة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا ولكنهم لا يستطيعون الدراسة، ويصبحون واعين بذاتهم، ومنسحبين، ويفقدون الدافع والإرادة للسعي، ويقعون في الاكتئاب، ولديهم أفكار انتحارية ...
لذلك، على الكبار أن يدركوا أن هدف الأطفال لا يقتصر على الألقاب والإنجازات، بل الهدف الأسمى هو مساعدتهم على بناء شخصية متكاملة، وتنمية معارفهم، وقوتهم العقلية، ومهاراتهم للتكيف مع تغيرات الحياة.
عزّز ثقة طفلك بنفسه، وشجّعه على الاستقلالية، وضبط النفس في التفكير، والإبداع في العمل، وعلمه أهمية الصدق، واحترام الآخرين، واحترام الذات. على الآباء أنفسهم أن يكونوا قدوة في النزاهة الأكاديمية، فهي عامل مهم لبناء مستقبل مستدام لأطفالهم.
الأستاذ المشارك الدكتور تران ثانه نام، رئيس كلية العلوم التربوية، جامعة التربية - جامعة فيتنام الوطنية، هانوي
*يرجى زيارة قسم تعليم العلوم لمشاهدة الأخبار والمقالات ذات الصلة.
[إعلان 2]
مصدر
تعليق (0)