في أوائل تسعينيات القرن الماضي، انتقل والداي من الجنوب الغربي إلى الجنوب الشرقي بحثًا عن مخرج من الفقر. في هذه الأرض الجديدة، حيث كانت الطبيعة خلابة وسكانها قليلين، بنى والداي منزلًا من القش وجدرانه طينية على قطعة أرض صغيرة أعارها لهما أحد أقاربهما البعيدين.
كان والدي يعمل أجيرًا طوال العام، ثم يذهب لقطع الأشجار للحصول على الحطب والفحم، بينما كانت والدتي ترعاني وتزرع المحاصيل. لكانت الحياة الأسرية قد مرت بسلام وسلام لولا وفاة والدتي المفاجئة إثر سكتة دماغية. في ذلك الوقت، كنت في الخامسة من عمري فقط. تلاشى ابتسام والدي تدريجيًا، ذلك الرجل الكريم والمرح. كان يحب زوجته الفاضلة التي توفيت في ريعان شبابها، بل وأكثر من ذلك، كان يحب ابنه الصغير الذي فقد والدته مبكرًا.
أصبح والدي نحيلاً بعد فترة وجيزة. انغمس في ألمه. لكن بعد ذلك، اضطر لمواجهة الواقع، مع طفل صغير يعتني به وقرية قريبة يشاركها، استعاد عافيته تدريجياً. بدأ يبحث عن عمل آخر، لأنه لم يستطع اصطحابي معه إلى الغابة. في ذلك الوقت، كانت المواد شحيحة، لذا كان الطلب على إعادة التدوير مرتفعاً جداً. ذهب والدي للاستعلام عن الوظيفة، ثم بدأ بشراء وبيع الخردة من هناك. ربط والدي كرسياً صغيراً بإطار دراجته الأمامي لأجلس عليه، وخلفه ربط جذعي خشب كبيرين لصنع عربة يدوية الصنع لحمل الخردة التي اشتراها. منذ ذلك الحين، رافقني صرخة "من لديه خردة، ألمنيوم مكسور، بلاستيك، نايلون للبيع؟..."
كان أهل المنطقة يتعاطفون معي ومع والدي، فكانوا يجمعون أي أغراض مكسورة أو مهملة ليشتريها والدي؛ وأحيانًا كان أعمامي وخالاتي يُعطونني بعض الحلوى، أو حتى اثنتي عشرة بيضة... كانت تلك العطايا لا تُنسى. بعد يوم من التجوال، كان والدي يُحمّمني، ويُعدّ لي العشاء، ثم يُصنّف الخردة المعدنية ليأخذها إلى المستودع في الصباح الباكر.
كبرت وذهبت إلى المدرسة، ولم أعد أركب دراجتي القديمة مع والدي كل يوم. لكنني كنت أجمع الخردة المعدنية كل ليلة، وكان صوت حديثنا وضحكاتنا يُخفف من وحشة المنزل.
عندما كنت في المدرسة الثانوية، نصحني والدي بالتركيز على دراستي وتركه يتولى أمر تجارة الخردة. ربما كان يخشى أن أخجل من عملي أمام أصدقائي.
في أحد الأيام، في طريق عودتي من المدرسة إلى المنزل، رأيت والدي يمر مسرعًا حاملًا خردة معدنية، وكأنه يخشى أن يتعرف عليه أصدقائي. أحزنني مظهره المتعب. ركضت خلفه بسرعة، وناديته ليتوقف، وعرّفته على أصدقائي، وقلت لهم: إذا كان لدينا خردة معدنية في المنزل، فعليّ أن أطلب منه أن يأتي ويأخذها. بعد الارتباك الأولي، ابتسم والدي ابتسامة مشرقة ردًا على تحيات أصدقائي. ابتسامته، وعيناه اللامعتان، وقطرات العرق التي تسيل على وجهه، صور ستبقى في ذاكرتي طوال حياتي.
خلال سنواتي الأربع في الجامعة، أحضر والدي دراجته القديمة إلى سايغون واستأجر غرفة صغيرة لنا. تجول في أنحاء المدينة ليتعرف على الطرق والمواصلات، مواصلاً صراخه المألوف. لم يخلو أي ركن من أركان سايغون من آثار أقدامه.
بعد تخرجي، عدتُ أنا ووالدي إلى مسقط رأسنا للعيش. بعد أن عملنا وحصلنا على دخل ثابت، نصحتُ والدي بالبقاء في المنزل والتوقف عن العمل الشاق. فوضع الدراجة في زاوية كتذكار. قال إنه يشعر بالملل في المنزل، فادّخرتُ المال واقترضتُ المزيد من المال لفتح بقالة صغيرة ليبيعها لأطفال القرية. ومنذ انشغاله بـ"زبائنه"، بدا والدي أصغر سنًا وأكثر سعادة.
مرّت أكثر من عشر سنوات، وتأقلمنا أنا وأبي مع حياتنا الجديدة وعملنا. صرخة أبي التي بدت غائبة، استيقظت الآن. لعلّ صرخة أبي تُشبه جزءًا من ذاكرتي لا يُمحى مهما مرّ الزمن.
كبرت وأصبحتُ مُعلّمًا بفضل دراجة والدي القديمة المليئة بالخردة. لم أشعر يومًا بالخجل من عمل والدي، بل على العكس، أنا فخورٌ بأنه أحبّني وبذل كل ما في وسعه من أجلي. علّمني والدي أن لكلّ عملٍ قيمة، فبجهودك تُرسّخ القيم النبيلة.
مرحبا بالحب، الموسم الرابع، موضوع "الأب" تم إطلاقه رسميًا في 27 ديسمبر 2024 على أربعة أنواع من الصحافة والبنية التحتية الرقمية للإذاعة والتلفزيون وصحيفة Binh Phuoc (BPTV)، ووعد بإيصال القيم الرائعة للحب الأبوي المقدس والنبيل إلى الجمهور. |
المصدر: https://baobinhphuoc.com.vn/news/19/173696/tieng-rao
تعليق (0)