أصدرت دار النشر السياسية الوطنية "تروث" للتو كتاب "إدارة التقلبات والأزمات" الذي حرره الدكتور لي مانه هونغ، رئيس مجلس إدارة مجموعة الصناعة والطاقة الوطنية الفيتنامية ( بتروفيتنام ).
يتكون الكتاب من أربعة فصول مقدمة منطقيا وبشكل وثيق مع المواضيع التالية: "سرعة التغيير في بيئة الأعمال"؛ "التغييرات في التفكير الإداري والتنظيمي"؛ "إدارة الأهداف المستمرة والمتقلبة"؛ "إدارة التقلبات في بتروفيتنام".

وُلدت هذه الصفحات من رحلة حقيقية. نشأ محرر الكتاب، الدكتور لي مانه هونغ، من جذوره، وشارك مباشرةً في المشاريع الأساسية لصناعة النفط والغاز والطاقة منذ بداياتها، وخضع لمستويات إدارية متعددة، بدءًا من تشغيل المشروع وتنفيذه، وصولًا إلى إدارة منظومة المجموعة بأكملها.
أصبح "الكابتن" الذي قاد شركة بتروفيتنام في أكثر فتراتها تقلبًا وأزمة: أزمة 2020 المزدوجة، وجائحة كوفيد-19، وانهيار أسعار النفط، وتعطل سلاسل التوريد، والتحديات المؤسسية والتشغيلية الداخلية. في هذا السياق، بدأ هو وزملاؤه في تطبيق منهجية "إدارة التغيير" منذ أيام إدارة النظام في خضم الأزمة.
يجذب كتاب "إدارة التقلبات والأزمات" الانتباه ليس فقط لعنوانه المُناسب، بل أيضًا لأسلوب تفكير مؤلفيه الفريد. فمفاهيم الكتاب ليست مُقتبسة من نظريات أجنبية، ولا تتبع اتجاهات الإدارة الحديثة. بل تظهر بأسلوب بسيط، نابع من تجارب واقعية، مُتأملة بعناية في عملية الإدارة الفعلية، كرد فعل طبيعي للمديرين عند مواجهة مواقف غير مُدرجة في الكتب الدراسية.
هنا، لا يُقدَّم "إدارة التقلبات" كمدرسة نظرية جديدة في الإدارة الحديثة، بل كرد فعل للبقاء في مواجهة واقع غير مستقر. تُحلَّل العلاقة بين التقلبات والأزمات والمخاطر بمنطق جدلي، صارم ولكن ليس جازمًا؛ وثيقة لدرجة أن القارئ يشعر بها حدسيًا. لأن أي شخص يدير مؤسسة في عالم اليوم، سواء كانت عامة أو خاصة، كبيرة أو صغيرة، قد لمس هذا الشعور إلى حد ما: أن لا شيء يبقى ثابتًا إلى الأبد.
المهم في الكتاب هو أنه لا يقتصر على التحليل المفاهيمي، بل يتعمق المؤلفان في ربط النظرية بقدرات محددة في إدارة المؤسسات: بدءًا من تحديد الأهداف، والتنبؤ بالمخاطر، وتعديل الخطط، والاستجابة المرنة، وصولًا إلى خطوة متقدمة نحو "الإبداع الديناميكي"، وهو مصطلح فيتنامي بامتياز يُشير إلى القدرة على الابتكار الهادف في ظل ظروف غير مؤكدة.
لم يتوقف المؤلفون عند النماذج أو التعريفات فحسب، بل استشهدوا بالعديد من الأمثلة الحية من ممارسات المؤسسات الكبرى حول العالم، حيث لم تعد "إدارة التغيير" خيارًا، بل شرطًا للبقاء. إلا أن ما يُقنع القراء أكثر هو الأدلة المُقدمة من مجموعة صناعة الطاقة الوطنية الفيتنامية (بتروفيتنام)، وهي مؤسسة ذات طابع "خاص مزدوج": تعمل في قطاع طاقة متقلب، وكونها شركة مملوكة للدولة تخضع لقيود وحدود محددة.
في عام ٢٠٢٠، عندما اهتزّ العالم بسبب جائحة كوفيد-١٩ والانخفاض غير المسبوق في أسعار النفط الخام، واجهت بتروفيتنام "أزمة مزدوجة". في هذا السياق، نشأ مفهوم "إدارة التقلبات". لم يكن ذلك من خلال اجتماعات أو أبحاث مكتبية، بل من الاحتياجات العملية لتشغيل النظام بأكمله.
تم تصميم وتنفيذ مجموعة من حلول إدارة التقلبات بشكل متزامن، مع تحديثها باستمرار وبشكل فوري، كإجراء تنظيمي حيوي. وبفضل ذلك، لم تكتفِ بتروفيتنام بالصمود خلال الأزمة، بل حققت أيضًا العديد من النتائج الإيجابية في مجالات الإنتاج، والتمويل، والمساهمة في الميزانية، وإدارة الموارد البشرية، والقدرة التشغيلية.
إنها ليست قصة نجاح، بل هي دليل مقنع على نهج جديد: عندما تعرف المنظمة كيفية التعايش مع التغيير، وتستجيب بسرعة ولكن بشكل منهجي، يمكن حتى للأزمات أن تصبح جزءًا من سلسلة القيمة.
ابتداءً من عام ٢٠٢١، لن يكون لـ"إدارة التغيير" في بتروفيتنام دورٌ في الاستجابة للظروف. سيُرفع هذا المفهوم إلى منهجية عمل، ليُصبح تدريجيًا جزءًا من ثقافة حوكمة الشركات. سيبدأ كل وحدة وكل مسؤول بإدراك أهمية التخطيط، ولكن القدرة على التكيف مع الخطط في ظل الظروف المتغيرة أهم بكثير.
في عام 2024، سجلت شركة بتروفيتنام إيرادات تجاوزت مليون مليار دونج لأول مرة - وهو رقم لا يعكس الحجم فحسب، بل يشير أيضًا إلى عملية إدارة استباقية ومرنة وقادرة على الصمود في مواجهة التقلبات المستمرة في البيئة الاقتصادية والجيوسياسية العالمية.
لا يُروّج الكتاب للنظريات، ولا يُحاول إثبات الجديد بإنكار القديم. بل اختار المؤلفان مسارًا مختلفًا، أكثر هدوءًا، ولكنه أكثر ديمومة: مُراقبة الممارسة، واستخلاص الأفكار، وهيكلتها في حجج، ثم توضيح كيفية العمل، من الاستراتيجية رفيعة المستوى إلى تنسيق النظم وتنمية الموارد البشرية.
لذا، فإن هذا الكتاب ليس موجهًا فقط لكبار القادة، بل أيضًا لمن يشغلون مناصب إدارية متوسطة، والذين يواجهون صعوبة في التوفيق بين الخطة القديمة والواقع الجديد. أما بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تكاد القدرة على التنبؤ تكون معدومة، فإن نهج "إدارة أهداف الحياة" في هذا الكتاب يفتح آفاقًا جديدة: لا داعي للنظر بعيدًا، فقط كن متيقظًا بما يكفي لرؤية ما هو أبعد من 100 متر، واتخذ الخطوات الصحيحة.
المصدر: https://nhandan.vn/quan-tri-bien-dong-tu-kinh-nghiem-song-dong-den-ly-luan-nen-tang-post898491.html
تعليق (0)