روسيا - كوريا الشمالية: تعميق العلاقات الخاصة
زار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الصين في الفترة من 13 إلى 15 يوليو/تموز لتعزيز التعاون الثنائي والتحضير لقمة منظمة شنغهاي للتعاون، المقرر عقدها في تيانجين من 30 أغسطس/آب إلى 1 سبتمبر/أيلول. وخلال إقامته في بكين، أجرى لافروف محادثات مع نظيره الصيني وانغ يي. وبعد يومين، حضر اجتماع وزراء خارجية منظمة شنغهاي للتعاون، وهي خطوة مهمة في التحضير لقمة رؤساء الدول.
في وقت سابق، في 12 يوليو/تموز، قام السيد لافروف بزيارة رسمية إلى كوريا الشمالية والتقى بالرئيس كيم جونغ أون. وفي هذه الزيارة، أكد التزام موسكو بالاتفاقيات الاستراتيجية الموقعة سابقًا، وخاصة اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة لعام 2024. ووصف السيد كيم الزيارة بأنها "لحظة مهمة لتعزيز التحالف المميز والقوي بين البلدين".
أجرى وزير الخارجية الروسي أيضًا محادثات مع نظيره الكوري الشمالي، تشوي سون هي، وشدد على العلاقات التاريخية بين البلدين، مستشهدًا بمشاركة الجيش الكوري الشمالي في معركة كورسك خلال الحرب العالمية الثانية، في تصريح رمزي لترسيخ "الأخوة الراسخة". كما أعرب لافروف عن دعمه لموقف بيونغ يانغ النووي، قائلاً إن موسكو "تتفهم أسباب" سعي كوريا الشمالية إلى برنامج نووي، مؤكدًا التزامها بمواصلة التعاون في إطار المصالح المشتركة.
قال إيليا دياتشكوف، الأستاذ المشارك في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية (MGIMO)، إن العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية تتطور بوتيرة سريعة وتتمتع بعمق كبير، ولا تقتصر على مجرد تصريحات سياسية . ويُظهر توقيع اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية توافقًا رفيع المستوى، ويمهد الطريق لبرامج تعاون محددة في المستقبل، والتي قد تشمل مشاريع تذكارية تاريخية في عام 2025، أي الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية وتحرير كوريا من الاحتلال الياباني.
وكان من التفاصيل الجديرة بالملاحظة لقاء وزير الخارجية لافروف والزعيم كيم جونج أون في المنتجع الجديد في وونسان ــ وهو ليس حدثا رمزيا فحسب، بل إنه أيضا أظهر جهود بيونج يانج لتعزيز صورة البلاد وجذب الاستثمارات الاستراتيجية من شركاء ودودين مثل روسيا.
الدور التنسيقي لمنظمة شنغهاي للتعاون والصين
يُعتبر اجتماع وزراء خارجية منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين بمثابة انطلاقة استراتيجية للقمة المقبلة. وبصفتها الرئيس الدوري للمنظمة، تعمل الصين جاهدةً على تعزيز التعاون الاقتصادي، لا سيما في مجالي التكنولوجيا والأمن، وفقًا لفاسيلي كاشين، مدير مركز البحوث الاقتصادية الشاملة التابع لوزارة الصحة والبيئة. ومع ذلك، كانت النتائج الملموسة حتى الآن متواضعة للغاية، واقتصرت في معظمها على مبادرات محلية، دون تحقيق اختراقات كبيرة.
تُشكّل الانقسامات داخل منظمة شنغهاي للتعاون تحديًا كبيرًا أيضًا. فالمواجهة الأخيرة بين الهند وباكستان لا تزال تُعيق التوصل إلى توافق في الآراء بشأن البيانات المشتركة، كما حدث في عام ٢٠٢٠ بسبب النزاع الحدودي بين الهند والصين. ومع ذلك، ووفقًا للسيد كاشين، تتمتع منظمة شنغهاي للتعاون بخبرة في التعامل مع مثل هذه النزاعات، وهي قادرة على الحفاظ على استقرار عملياتها.
في غضون ذلك، صرّح ألكسندر لومانوف، الخبير في معهد الاقتصاد والعلاقات الدولية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، بأن بكين تستغل رئاسة منظمة شنغهاي للتعاون كفرصة لتأكيد دورها كمنسق إقليمي، لا سيما من خلال تنظيم قمة رسمية ومؤثرة ورمزية. كما تُركّز الصين على مفهوم "الحوار بين الحضارات" في منظمة شنغهاي للتعاون، مع التركيز ليس على المواجهة بين الشرق والغرب، بل على التواصل بين دول الجنوب العالمي.
ويعكس هذا جهود بكين لإعادة تشكيل النظام الإقليمي وبناء شبكات تعاون غير غربية - كجزء من استراتيجية طويلة الأجل للحد من نفوذ حلف شمال الأطلسي والتحالفات التي تقودها الولايات المتحدة، وفقا للسيد لومانوف.
يقول المحللون إن زيارة وزير الخارجية لافروف إلى كوريا الشمالية والصين ليست مجرد سلسلة من الأنشطة الدبلوماسية، بل تعكس بوضوح استراتيجية روسيا "دبلوماسية التوازن" في ظل عزلة الغرب المتزايدة لموسكو بعد الحرب في أوكرانيا. وتُعدّ العلاقات مع كوريا الشمالية ودورها في منظمة شنغهاي للتعاون "أوراقًا" استراتيجية تُمكّن روسيا من ترسيخ مكانتها في آسيا، وترسيخ نفوذها في منطقة ما بعد الاتحاد السوفيتي، وتأسيس نظام جيوسياسي جديد قائم على مبدأ التعددية القطبية.
بالنسبة للصين، تُصبح منظمة شنغهاي للتعاون "أداةً ناعمة" لتوسيع نفوذها في وسط وجنوب آسيا، وإثبات قدرتها على قيادة المؤسسات الإقليمية خارج الإطار الغربي. ومع ذلك، فإن الصراعات الداخلية - وخاصة بين القوى الكبرى مثل الصين والهند وباكستان - قد تُعيق عملية إضفاء الطابع المؤسسي على المنظمة، وتُقلل من فعاليتها العملية.
هونغ آنه (مساهم)
المصدر: https://baothanhhoa.vn/ngoai-truong-sergey-lavrov-cong-du-chau-a-nga-trung-quoc-trieu-tien-tai-dinh-hinh-ban-co-dia-chinh-tri-254815.htm
تعليق (0)