يمكن لمعدلات التبريد غير المتساوية أن تؤثر على الصفائح التكتونية، مما يؤثر بدوره على المناخ والتيارات المحيطية وحتى الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والبراكين وأمواج تسونامي - الصورة: الذكاء الاصطناعي
نشرت مجموعة من العلماء من جامعة أوسلو (النرويج) دراسة مفاجئة: نصف الأرض يبرد بشكل أسرع بكثير من النصف الآخر، والسبب مرتبط بالطريقة التي تم بها توزيع القارات والمحيطات على مدى مئات الملايين من السنين الماضية.
توصلت دراسة نشرت في مجلة Geophysical Research Letters إلى أن نصف الكرة الأرضية الذي يحتوي على المحيط الهادئ يفقد حرارة أكثر من نصف الكرة الأرضية الذي يحتوي على أفريقيا وأوروبا وآسيا.
السبب هو أن مياه البحر تُوصل الحرارة بشكل أفضل من اليابسة: فقاع البحر أرق، وهو مُلامس لكمية المياه الهائلة فوقه، مما يسمح للحرارة من باطن الأرض بالتسرب بسهولة أكبر. في المقابل، تعمل اليابسة الأكثر كثافةً وسمكًا كـ"ترمس" يحتفظ بالحرارة.
الأرض عبارة عن "كرة" تبريد
يوضح العلماء أن تحت القشرة يوجد الوشاح والنواة شديدة الحرارة، حيث تتولد الحرارة الناتجة عن تكوين الكوكب، بالإضافة إلى الحرارة الناتجة عن الاضمحلال الإشعاعي. هذه الطبقة السائلة لا تدفئ الكوكب من الداخل فحسب، بل تحافظ أيضًا على المجال المغناطيسي والجاذبية، مما يجعل الغلاف الجوي واقيًا للحياة.
مع مرور الوقت، ستستمر الأرض في البرودة، حتى تصبح صخرة باردة كالمريخ. لكن المثير للاهتمام أن معدل التبريد غير متساوٍ: فعلى مدى الأربعمائة مليون سنة الماضية، برد وشاح نصف الكرة الأرضية المحيط الهادئ أسرع بنحو 50 درجة مئوية من نصف الكرة الأرضية الأفريقي.
لمعرفة ذلك، بنى الفريق نموذجًا قسّم الأرض إلى نصفين - نصف الكرة الأرضية الأفريقي ونصف الكرة الأرضية الهادئ - ثم قسّم السطح إلى شبكات بزاوية 0.5 درجة لحساب كمية الحرارة المتراكمة والمتسربة على مدى ملايين السنين. جمعوا بيانات عن عمر قاع البحر، وموقع القارات، والحركات التكتونية التي تعود إلى 400 مليون سنة، أي إلى زمن وجود قارة بانجيا العملاقة.
لم تتجاوز دراسات مماثلة سابقة فترة ٢٣٠ إلى ٢٤٠ مليون سنة. أما النموذج الجديد، فقد ضاعف الإطار الزمني تقريبًا، مما سمح للعلماء بتتبع تاريخ فقدان الحرارة بشكل أعمق.
من المثير للدهشة أن نصف الكرة الأرضية المحيط الهادئ كان أكثر دفئًا في الماضي، ربما لأنه كان محاصرًا بقارة رودينيا العملاقة التي وُجدت قبل 1.1 إلى 0.7 مليار سنة. ومع انفصال القارات وتراكمها على جوانب متقابلة، غطّى هذا النصف محيط شاسع، مما سمح بتبديد الحرارة بسرعة أكبر.
الارض لا تزال تتحرك كل يوم
رغم أنها غير مرئية للعين المجردة، إلا أن سطح الأرض يتحرك باستمرار. تُسمى هذه الظاهرة الانجراف القاري، وهي نتيجة لحركة الصفائح التكتونية.
في قاع المحيط، على طول حواف منتصفه، ترتفع الحمم البركانية من الوشاح المنصهر باستمرار، ثم تبرد، لتشكل قاع بحر جديد. في هذه الأثناء، يُبتلع قاع البحر القديم عميقًا تحت القارات عند خنادق الاندساس، حيث يُعاد ذوبانه.
يعمل الوشاح الموجود أسفله كـ"حزام ناقل" عملاق: تدفع تيارات الحمل الحراري في الوشاح صفيحة قشرية واحدة للخارج، وتسحب أخرى للداخل. ومع ارتفاع درجة حرارة الوشاح، تتحرك الصفائح التكتونية بشكل أسرع، وتنزلق فوق بعضها البعض أو تصطدم بعنف، مما يتسبب في حدوث الزلازل والبراكين وبناء الجبال.
اليوم، فإن التوزيع القاري مع تركز أوروبا وآسيا وأفريقيا بالقرب من بعضها البعض في نصف الكرة الأرضية، في حين أن معظم نصف الكرة الأرضية الآخر مغمور في المياه الشاسعة للمحيط الهادئ، يجعل معدل فقدان الحرارة من الأرض غير متوازن.
تنقل مياه المحيطات الشاسعة الحرارة بسرعة أكبر، بينما تحتفظ القارات الكثيفة بالحرارة لفترة أطول. ونتيجةً لذلك، يبرد نصف الكوكب، أي الجانب المطل على المحيط الهادئ، أسرع بكثير من النصف الآخر.
يعتقد العلماء أن التقلبات الحرارية داخل الأرض ليست مسألة جيولوجية فحسب، بل ترتبط أيضًا بمستقبل جميع الكائنات الحية على هذا الكوكب.
يمكن لمعدلات التبريد غير المتساوية أن تؤثر على الصفائح التكتونية، مما يؤدي بدوره إلى تأثيرات غير مباشرة على المناخ، والتيارات المحيطية، وحتى الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والبراكين وأمواج تسونامي.
وعلى المدى الطويل، سوف يؤدي النزوح القاري إلى تغيير موائل مجموعة واسعة من الأنواع، مما يجبرها على التكيف أو مواجهة الانقراض.
بالنسبة للبشر، فإن فهم هذه العمليات الصامتة ولكن القوية لا يساعد فقط في التنبؤ بالمخاطر، بل يظهر أيضًا أننا نعيش على كوكب متغير باستمرار حيث يكون "الاستقرار" مؤقتًا فقط.
المصدر: https://tuoitre.vn/mot-nua-trai-dat-dang-lanh-di-nhanh-chong-so-voi-ben-kia-20250813153143377.htm
تعليق (0)