واصل المعدن النفيس تحطيم مستويات أسعاره التاريخية، معززًا مكانته كملاذ آمن وسط تزايد حالة عدم اليقين العالمي. ويتوقع الخبراء أن تظل عمليات شراء البنوك المركزية والتقلبات الجيوسياسية والرسوم الجمركية عوامل محفزة للذهب لبقية العام.
لماذا الذهب في ذروته؟
يميل سعر الذهب إلى الارتفاع خلال فترات عدم اليقين الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية. وقد خلقت أحداثٌ مثل تصاعد الحرب التجارية، والصراع في أوكرانيا والشرق الأوسط، وأزمة سوق العقارات الصينية، بيئةً معقدةً تجعل الذهب ملاذًا آمنًا جذابًا.
علاوةً على ذلك، تُعتبر حرب الرسوم الجمركية التي شنّها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المحرك الرئيسي للطلب على الأصول الآمنة، مما دفع أسعار الذهب إلى تجاوز عتبة 3000 دولار للأونصة في 14 مارس/آذار. وهذه هي المرة الأولى منذ فترة طويلة التي تُصبح فيها العوامل الجيوسياسية وعدم الاستقرار الاقتصادي قوى دافعة في سوق الذهب.
في الأشهر الستة الأولى من عام ٢٠٢٥، ارتفعت أسعار الذهب بشكل حاد بنسبة ٢٥٪ تقريبًا، بعد أن سجلت ارتفاعًا بنسبة ٢٧٪ في عام ٢٠٢٤. والجدير بالذكر أن جلسة ٢٢ أبريل شهدت تسجيل أسعار الذهب رقمًا قياسيًا غير مسبوق بلغ ٣٥٠٠.٠٥ دولارًا للأونصة. وبعد عدة تعديلات، حافظت أسعار الذهب على أعلى مستوى لها عند ٣٣٣٧.١٢ دولارًا للأونصة اعتبارًا من ٢ يوليو.
وعلاوة على ذلك، فإن ارتفاع الدين العام الأميركي (أكثر من 36 تريليون دولار) إلى جانب التحول المفاجئ للرئيس ترامب إلى التعريفات الجمركية، يهدد استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما يزيد من اهتزاز الثقة في سندات الخزانة الأميركية ــ التي كانت في السابق منافسة للذهب في دور الأصول الآمنة.
علاوة على ذلك، تبرز البنوك المركزية كمحرك رئيسي وراء الارتفاع القياسي في أسعار الذهب. تشتري البنوك المركزية العالمية حوالي 80 طنًا من الذهب شهريًا، أي ما يعادل حوالي 8.5 مليار دولار بالأسعار الحالية، وفقًا لغولدمان ساكس. ويتم معظم هذا الشراء سرًا.
يُقدّر مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية وصناديق الثروة السيادية تشتري ما مجموعه ألف طن من الذهب سنويًا، وهو ما يُمثل ربع إنتاج الذهب المستخرج عالميًا على الأقل. وقد تجاوز هذا التوجه حاجز الألف طن للعام الثالث على التوالي.
وفقًا لتقرير صادر عن بنك HSBC في يناير 2025، أفاد أكثر من ثلث البنوك المركزية الـ 72 التي شملها الاستطلاع أنها تخطط لشراء المزيد من الذهب بحلول عام 2025، بينما لم يخطط أي منها للبيع. وكانت الدول الناشئة، وخاصة الصين والهند وبولندا وتركيا وقطر ومصر وأيرلندا وقيرغيزستان، من أكبر مشتري الذهب في السنوات الأخيرة، بهدف تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي وإدارة احتياطياتها الوطنية بكفاءة أكبر.
زادت الصين احتياطياتها الرسمية من الذهب من 1054 طنًا إلى 2279 طنًا، مع خفض حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية إلى أقل من 800 مليار دولار بحلول عام 2024. وزادت البلاد احتياطياتها من الذهب للشهر الرابع على التوالي حتى فبراير 2025، وخففت القيود المفروضة على واردات الذهب لتلبية الطلب القوي.
كما سجلت روسيا حصة ذهبية من احتياطيات النقد الأجنبي بلغت 35.4% اعتبارًا من 1 أبريل 2025، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر 1999. والجدير بالذكر أن تدفقات رأس المال إلى صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب زادت بشكل حاد مرة أخرى في الربع الأول من عام 2025، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2022، مما دفع الطلب على الاستثمار إلى الارتفاع.
توقعات من المؤسسات المالية الكبرى
أطلقت المؤسسات المالية الكبرى توقعات مختلفة لأسعار الذهب خلال الفترة المقبلة، مما يعكس التباين في وجهات نظرها بشأن التوقعات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية.
في تقرير نُشر في الأول من يوليو، أفاد بنك HSBC بأن نطاق تداول أسعار الذهب سيكون واسعًا ومتقلبًا. وسيبلغ سعر الذهب في نهاية عامي 2025 و2026 3175 دولارًا للأونصة و3025 دولارًا للأونصة على التوالي. وأوضح البنك أنه حتى في حال انخفاض أسعار الذهب، فإن بقاءه فوق عتبة 3000 دولار للأونصة سيعزز دور الذهب كملاذ آمن وأداة فعّالة لتنويع المحفظة الاستثمارية.
وأشار البنك المركزي أيضا إلى أن مشتريات البنوك المركزية من الذهب قد تتباطأ إذا استمرت الأسعار في الارتفاع فوق 3300 دولار للأوقية، لكنها قد تنتعش إذا صححت الأسعار لتقترب من 3000 دولار للأوقية.
وفي الوقت نفسه، رفع بنك جولدمان ساكس توقعاته لسعر الذهب من 3300 دولار للأوقية إلى 3700 دولار للأوقية بحلول نهاية عام 2025، وقال إنه في "سيناريو متطرف" قد تتداول أسعار الذهب بالقرب من 4500 دولار للأوقية بحلول نهاية عام 2025.
من جانبه، يتوقع بنك جي بي مورجان أن يصل متوسط سعر الذهب إلى 3675 دولاراً للأوقية في الربع الرابع من عام 2025، ثم يتجاوز 4000 دولار للأوقية في الربع الثاني من عام 2026. كما يعتقد البنك أن أسعار الذهب قد ترتفع بشكل أسرع من المتوقع إذا كان الطلب الفعلي أعلى.
ويقول المحللون إن البنوك المركزية ستحافظ على مشترياتها المرتفعة من الذهب، وقد يتسارع اتجاه "التخلي عن الدولرة" مع قيام البنوك المركزية بتنويع استثماراتها في العملات الأخرى والذهب.
يظل الطلب على الذهب من آسيا، وخاصة الصين، قوياً بسبب المخاوف بشأن خفض قيمة العملة وسياسات التعريفات الجمركية الأمريكية، وهي عوامل مهمة تدفع صعود الذهب اعتباراً من عام 2024. بالإضافة إلى ذلك، فإن توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي قد تدعم أسعار الذهب.
ورغم التباين في التوقعات قصيرة الأجل، فإن معظم المؤسسات المالية الرائدة تتفق على أن أسعار الذهب ستظل أعلى بكثير من متوسطاتها التاريخية في 2025-2026، مع ميل المخاطر إلى الارتفاع، مع استمرار التطورات الجيوسياسية في كونها المصدر الرئيسي لعدم اليقين، وفقا للمراقبين.
المصدر: https://doanhnghiepvn.vn/quoc-te/kinh-te-the-gioi-6-thang-huong-di-cua-vang-trong-nua-cuoi-nam/20250703100937452
تعليق (0)