وُلدتُ في الريف، ونشأتُ فيه، وأعيش فيه، لكنني ما زلتُ أشعر بالحنين إلى الوطن. ليس صحيحًا أن البعيدين عن الوطن يشتاقون إليه. ما يُشعر الناس بشوقهم الأكبر إلى وطنهم هي الذكريات، والصور المألوفة التي تتلاشى تدريجيًا مع مرور الوقت، أو المشهد القديم نفسه، لكن كبار السن لم يعودوا موجودين.
أفتقد طريق القرية الرملي في مسقط رأسي. في الصباح الباكر عندما كانت الشمس تُحوّل خدي إلى اللون الوردي في الشرق، استيقظت نائمًا على نداء أمي للذهاب إلى الحقول. يا له من شعور ممتع بالمشي حافي القدمين على الطريق الرملي. بدت حبيبات الرمل الناعمة البيضاء الناعمة والناعمة وكأنها تذوب تحت قدمي الصغيرتين. أحببت شعور فرك قدمي على الرمال حتى غطت الرمال قدمي بالكامل، وأشعر ببرودة الرمل تتسرب إلى بشرتي. طريق القرية الذي اعتدت أن أسلكه إلى المدرسة، أو أرعى الأبقار، أو أتبع والدتي إلى سوق المنطقة كل يوم، أصبح الآن في ذاكرتي فقط. قريتي الآن جميع الطرق مُغطاة بالخرسانة. على جانبي الطريق، بنى الناس منازل متلاصقة، بأسوار عالية، وبوابات مغلقة، ولم تعد هناك صفوف من أزهار الكركديه الحمراء أو صفوف من الشاي الأخضر. يعود الأشخاص الذين كانوا بعيدين عن منازلهم لفترة طويلة لزيارتها ويشيدون بمسقط رأسهم باستمرار لكونها غنية وجميلة، لكن الناس في الريف مثلي يشعرون بشيء فارغ وضائع.
أفتقد حقول القرية خلف منزلي. مدينتي منطقة شبه جبلية خالية من حقول اللقالق التي تحلق في السماء، حقول أرز خضراء لا نهاية لها. لكن هذا لا يعني أنني لا أحب حقول أمي. أطفال مثلنا في ذلك الوقت، خارج أوقات الدراسة، كانوا يقضون فيها وقتًا أطول من المنزل. كانت حقول القرية بمثابة صديق عزيز يحمينا، ويرعى أحلامنا، ويتسامح مع أخطائنا. منذ صغري، كانت أمي تحملني إلى الحقول. على جانب من عمود الكتف كانت سلة من بذور الأرز، وعلى الجانب الآخر كنت أنا. تحت ظل شجرة الدردار، كنت ألعب وحدي على مهل، وأحيانًا كنت ألتف وأغفو تحت شجرة الدردار القديمة. عندما كبرت قليلًا، كانت حقول القرية هي المكان الذي كنا نلعب فيه الغميضة، ونط الحبل، وخدعة الأعمى، حيث كانت الطائرات الورقية تحمل أحلامنا في السماء الشاسعة، من دخان القرية. أحيانًا، وأنا أتذكر الأيام الخوالي، كنت أتجول كثيرًا في حقول القرية.
جلستُ صامتًا، أستنشق رائحة التربة القوية الرطبة، ورائحة الطين النفاذة، أتذكر كل وجه داكن، وشعر تي وتيو المحروق من الشمس، أتذكر الكرة المصنوعة من أوراق الباندان الشائكة التي تُلقى على الناس، مسببةً الألم، وضحكات الريف المرحة بعد الظهر. الآن، في الأمسيات الشاحبة، انتظرتُ طويلًا، لكن لم يعد هناك صوت الأطفال ينادون بعضهم البعض للركض إلى الحقول للعب، ولم يعد أحد يلعب الألعاب القديمة. جلستُ طويلًا بجانب الحقل، صامتًا، وكان الحقل صامتًا أيضًا، لم يكن هناك سوى صوت حفيف الرياح وهي تلعب بأمواج الأرز. بين الحين والآخر، كانت هبات الرياح القليلة تهب في عيني، فتحمرّان وتحرقانهما.
أتذكر كوخ جدتي المسقوف بالقش مع حديقته العطرة. الحديقة التي اعتبرتها كنزًا طوال طفولتي، المكان الذي كنت أفتخر به مع أطفال عمي في المدينة كلما عدت إلى مسقط رأسي. في الصيف، كانت الرياح تهب باردة من الحقول. تحمل الرياح رائحة شجرة الكستناء العطرة إلى حلم ما بعد الظهيرة للفتاة الصغيرة التي كانت نائمة بعمق على تهويدة جدتي. ملأت رائحة الجوافة الناضجة والجاك فروت الناضج والشاي الناضج والسيم الناضج قيلولة ما بعد الظهيرة الصيفية. كانت هناك أيضًا بعد الظهيرة عندما رفضت النوم، وتبعت إخوتي سراً إلى الحديقة الخلفية لتسلق شجرة الجوافة لقطف الجوافة. كانت الجوافة مغطاة بعلامات أظافرنا للتحقق مما إذا كانت الفاكهة ناضجة. وكانت نتيجة تلك الأمسيات التي لا أنام فيها ندبة طويلة على ركبتي من السقوط من الشجرة. في كل مرة أنظر فيها إلى الندبة، كنت أفتقد جدتي، أفتقد حديقة الجنيات كثيرًا. أتذكر الحجر جيدًا، والجرة الموضوعة بجانب البئر، وعلى فوهة الجرة كانت جدتي تضع دائمًا قشرة جوز هند. بعد اللعب بألعاب مسلية، كنا نركض إلى البئر، ونغرف الماء من الجرة لنستحم ونغسل وجوهنا. أتذكر أنني كنت أغرف الماء من تلك الجرة لأسكبه على شعر جدتي. وبينما كنت أسكب الماء، كنت أنشد "جدتي، جدتي، أحبك كثيرًا، شعرك أبيض كالسحاب". رحلت جدتي، واختفت حديقة طفولتنا، والبئر، والجرة، وقشرة جوز الهند أيضًا، رحلوا إلى الماضي. فقط عطر الحديقة القديمة، عطر شجرة الصابون التي كانت جدتي تغسل شعرها، لا يزال عالقًا في ذاكرتي.
أتذكر أصوات طفولتي المألوفة. صياح الديك في الصباح الباكر، ونداء العجل لأمه، وربط الطائر عمته بعمود، في سماء ما بعد الظهر بقلق. صرخة "من لديه ألمنيوم وبلاستيك وأواني مكسورة للبيع؟" في ظهيرة الصيف الحارة تُذكرني بأيام أمي التي كانت تحمل الملح إلى المرتفعات لتبيعه على دراجتها القديمة لكسب المال لتربيتنا. أحيانًا في أحلامي، ما زلت أسمع رنين الجرس عند مدخل الزقاق وصرخة "آيس كريم، آيس كريم هنا". أتذكر الأطفال الفقراء يركضون خارجين بصنادلهم المكسورة، وأحواضهم المكسورة، وخردة المعادن، وفوارغ الرصاص التي جمعوها أثناء رعي الأبقار ليبادلوها بآيس كريم بارد ولذيذ.
ليس كل من يبتعد عن وطنه يشتاق إلى مسقط رأسه. ما يجعل الناس يشتاقون إلى مسقط رأسهم أكثر ما يشتاقون إليه هي الذكريات، والصور المألوفة التي تتلاشى تدريجيًا مع مرور الوقت، أو المشهد القديم نفسه لكن برحيل كبار السن. مثلي، أسير في طريق القرية، أجلس في حقل ريفي، أفتقد الأيام الخوالي كثيرًا، أفتقد دخان مطبخ جدتي كل صباح ومساء. مع علمي أن "الغد يبدأ اليوم"، ستتغير مسقط رأسي كثيرًا، آمل فقط أن يحتفظ كل شخص في قلبه بمكان يعود إليه، يتذكره ويحبه، يتمنى العودة إليه في البعيد، في السعادة، في المعاناة...
(بحسب لام خوي/ tanvanhay.vn)
[إعلان 2]
المصدر: https://baophutho.vn/giua-que-long-lai-nho-que-227647.htm
تعليق (0)