ظلت الصحيفة المطبوعة موجودة لمدة 320 عامًا
تأسست صحيفة "وينر تسايتونغ" في الثامن من أغسطس عام ١٧٠٣، تحت اسم "وينريشس دياريوم" ، في فيينا الساحرة. ووعدت آنذاك بنقل الأخبار "مباشرةً، دون بلاغة أو شعر".

من صفحاتها نصف الشهرية البسيطة، سرعان ما أصبحت الصحيفة الصوت الرسمي للبلاط الإمبراطوري النمساوي، مقدمةً معلومات حصرية من القصر الإمبراطوري. بمرور الوقت، سجلت أحداثًا تاريخية مهمة: من تغطية المعارك بين الجيشين النمساوي والفرنسي عام ١٧٩٩، إلى أن أصبحت الجريدة الرسمية للحكومة النمساوية عام ١٨١٠.
لقد نجحت الصحيفة في البقاء على قيد الحياة في ظل 12 رئيسًا، و10 أباطرة، وجمهوريتين، والإغلاق النازي من عام 1939 إلى عام 1945.

ما الذي يجعل صحيفة فيينا تسايتونج مميزة إلى هذه الدرجة؟
ليس طول عمرها فحسب أمرًا مثيرًا للإعجاب، بل أيضًا قدرتها على التكيف والحفاظ على استقلاليتها التحريرية رغم ملكيتها للحكومة النمساوية. كان توزيع الصحيفة في السابق 20 ألف نسخة خلال أيام الأسبوع، وضعف هذا العدد في عطلات نهاية الأسبوع، وهو رقم متواضع ولكنه ملفت للنظر بالنسبة لمنشور يركز على الجودة. من تغطية أخبار موزارت عام 1768 إلى إجراء مقابلات مع شخصيات بارزة مثل أرنولد شوارزنيجر ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيرا يوروفا في أيامها الأخيرة، لطالما روّت صحيفة وينر تسايتونغ قصصًا خالدة.
لكن كل قصة، مهما كانت جميلة، قد تنتهي. في أبريل/نيسان 2023، غيّر قانون جديد أقرّته الحكومة الائتلافية النمساوية كل ذلك. فقد ألغى القانون شرط دفع الشركات رسومًا لنشر الإشعارات القانونية في المطبوعات، وهو المصدر الرئيسي لدخل صحيفة "فينر تسايتونغ" على مر القرون. وكانت النتيجة صدمة مالية: فقد قدّر الناشر خسائره بـ 18 مليون يورو، واضطر إلى تسريح 63 موظفًا، وتقليص عدد المحررين من 55 إلى 20. وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها الأخيرة: "هذه أوقات عصيبة للصحافة الرصينة"، في ظلّ مواجهتها "للأخبار الكاذبة، ومقاطع فيديو القطط، ونظريات المؤامرة" على المنصات الرقمية.
في 30 يونيو/حزيران 2023، أصدرت صحيفة فينر تسايتونغ آخر عدد يومي مطبوع لها. لم تكن تلك الصفحات مجرد ورق وحبر، بل كانت بمثابة وداع مؤسف لإرث صحفي صُنف في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأقدم صحيفة لا تزال متداولة.

مع ذلك، لم تختفِ الصحيفة تمامًا. فهي تنتقل إلى الفضاء الرقمي، وتواصل النشر عبر الإنترنت، وتخطط لإصدار نسخة ورقية شهرية.
لكن هل يمكن للنسخة الإلكترونية أن تحتفظ بروح الصفحات الممتلئة بالتاريخ؟ هل يمكن لدورية مطبوعة أن تُثير نفس الشعور بتقليب الصفحات واستنشاق رائحة الحبر كما كان في الماضي؟
نقل صحيفة فينر تسايتونج إلى الفضاء الرقمي
إن نهاية النسخة المطبوعة اليومية لا تشكل خسارة لصحيفة فيينا تسايتونج فحسب، بل تشير أيضًا إلى فترة انتقالية صعبة للصحافة التقليدية.
إن لقب "أقدم صحيفة يومية في العالم" ينتمي الآن إلى صحيفة هيلدسهايمر ألجماينه تسايتونج الألمانية، التي تأسست عام 1705. ولكن بالنسبة للنمساويين، تظل صحيفة فينر تسايتونج رمزًا للصمود والجودة، وشاهدًا تاريخيًا سجل صعود وهبوط البلاد على مدى أكثر من ثلاثة قرون.

أعربت نائبة الرئيس، فيرا يوروفا، في مقابلة مع وكالة الأنباء النمساوية، عن استيائها من الإعلام قائلةً: "لقد لعبت صحيفة فينر تسايتونغ دورًا بارزًا في توعية الناس". ويُذكّر هذا التصريح بأن قيمة الصحافة الجيدة لا تُقاس بالإيرادات. ففي عصرٍ تكثر فيه المعلومات وتنعدم فيه الحقيقة، يُعدّ غياب صحيفة مثل فينر تسايتونغ أمرًا مؤثرًا.
بينما تقرأ هذه السطور، ربما في مكان ما في فيينا، يحتفظ أحدهم بالعدد الأخير من صحيفة "فينر تسايتونغ" كتذكار. ربما يتذكرون أيامًا كانوا فيها يحملون الجريدة بين أيديهم، ويقلبون صفحاتها، ويستشعرون التاريخ الحي من خلال كل كلمة. ستظل صحيفة "فينر تسايتونغ"، وإن توقفت عن الصدور يوميًا، حية في الذاكرة وفي الفضاء الرقمي. لكن بالنسبة لعشاق الصحافة، فإن رحيل النسخة المطبوعة ندم لا يُنسى، كطي صفحة ثمينة من صفحات الإنسانية.
المصدر: https://baoquangnam.vn/chuyen-thu-vi-ve-wiener-zeitung-to-bao-in-lau-doi-nhat-the-gioi-3157109.html
تعليق (0)