حتى في ظل السيناريوهات الأكثر تفاؤلاً، فإن القطب الشمالي سوف يبدأ في تجربة أشهر الصيف الخالية من الجليد في منتصف القرن الحالي، أي قبل عشر سنوات من الموعد الذي توقعه كبار علماء المناخ في السابق.
في أحدث تقرير بارز لها، توقعت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن القطب الشمالي سوف يشهد شهر سبتمبر/أيلول خاليا من الجليد بحلول عام 2050 تقريبا، إذا استمر البشر في إطلاق الغازات المسببة للاحتباس الحراري بمعدلات مرتفعة أو معتدلة.
لكن الدراسة الجديدة، التي نشرت في السادس من يونيو/حزيران في مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز"، تقول إن هذا سيحدث حتى في ظل سيناريو الانبعاثات المنخفضة، حيث تؤدي الانبعاثات الأعلى إلى أشهر خالية من الجليد في القطب الشمالي في وقت مبكر من عام 2030 إلى عام 2040.
قال ديرك نوتز، عالم المحيطات بجامعة هامبورغ الألمانية والمتخصص في الجليد البحري وأحد مؤلفي الدراسة: "نقول ببساطة إن الوقت قد فات لإنقاذ الجليد البحري الصيفي في القطب الشمالي. لا يمكننا فعل أي شيء حيال هذا الاختفاء التام لأننا انتظرنا طويلًا".
كانت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية قد توقعت أن الصيف سيكون خاليا من الجليد قبل عام 2050، حيث تتمسك النماذج المناخية بالأمل في أن يؤدي انخفاض الانبعاثات إلى تأخير هذا الحدث القاتم.
عادةً ما يكون غطاء الجليد البحري في القطب الشمالي في أدنى مستوياته في سبتمبر، أي نهاية الصيف، قبل أن يرتفع مجددًا في أشهر الخريف والشتاء الباردة والمظلمة، ويبلغ ذروته في مارس. يقول الباحثون إن القطب الشمالي الخالي من الجليد سيكون له آثار عالمية كبيرة.
مع تقلص الفارق في درجات الحرارة بين القطب الشمالي وخطوط العرض الدنيا، ستزداد حدة التغيرات في تدفق الغلاف الجوي. سيؤدي ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي إلى ذوبان الجليد الدائم بسرعة أكبر، مما يُطلق المزيد من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي. ومن المرجح أيضًا أن يذوب الغطاء الجليدي في جرينلاند بسرعة أكبر، مما يعني ارتفاعًا أكبر في مستويات سطح البحر.
وقال سونغ كي مين، مؤلف الدراسة وأستاذ العلوم البيئية في جامعة بوهانج للعلوم والتكنولوجيا في كوريا الجنوبية: "إذا ذاب جليد البحر القطبي الشمالي بشكل أسرع من المتوقع، فإن ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي سيحدث أيضًا بشكل أسرع".
وتشير الأبحاث الجديدة أيضًا إلى أن حوالي 90% من ذوبان الجليد في بحر القطب الشمالي يرجع إلى التأثير البشري، و10% يعود إلى عوامل طبيعية.
قال مارك سيريز، مدير المركز الوطني لبيانات الثلوج والجليد بجامعة كولورادو، إنه عندما يُمكن قياس التأثيرات البشرية ودمجها في نماذج المناخ، فسيوفر ذلك صورة أوضح عن موعد ذوبان جليد القطب الشمالي. وتُعدّ هذه الطريقة أكثر دقة من الطرق الأخرى، مثل الاستقراء من اتجاهات درجات الحرارة السابقة.
يعتقد سيريز أن جليد بحر القطب الشمالي سيختفي بنهاية الصيف في المستقبل. لكن السؤال يبقى دائمًا: متى سيحدث ذلك؟ والإجابة معقدة بسبب عدة عوامل، منها أخطاء في نماذج المناخ الحالية، والتقلبات الطبيعية الكبيرة في بيانات المناخ. فتغيرات أنماط الطقس لا يمكن التنبؤ بها في أي وقت. بل إن ظواهر مثل النينيو أو النينيا قد تُسبب تقلبات تستمر لسنوات.
ويقول عالم المحيطات نوتز إنه في حين أننا نعلم أن فقدان الجليد ناجم إلى حد كبير عن النشاط البشري وأننا نستطيع اتخاذ إجراءات لإبطائه، فإنه مع تحسن نماذج المناخ، فإنه يتوقع المزيد من الأخبار السيئة.
آمل أن تُجرى المزيد من الدراسات المماثلة، لاستكشاف جوانب أخرى من نظام الأرض. وهذا سيُشير أيضًا إلى أننا دأبنا على تحذير الناس، لكنهم لم يستجيبوا. والآن فات الأوان للتحرك.
[إعلان 2]
رابط المصدر
تعليق (0)