مع تسلل الذكاء الاصطناعي تدريجياً إلى كل جانب من جوانب الحياة، فإن السؤال هو: هل يمكن لهذه التكنولوجيا أن تحل محل دور خبراء التوظيف، الذين يلعبون دوراً أساسياً في ربط الناس ببعضهم البعض؟
منذ أن أصبح الذكاء الاصطناعي حاضرًا بقوة في أنشطة التصنيع والأعمال، واجهت العديد من الصناعات خطر الاستبدال. ولكن في وظائف محددة، مثل التوظيف، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالفهم والتواصل والعواطف، هل يستطيع الذكاء الاصطناعي المنافسة حقًا؟
وبحسب تقرير نشره صندوق النقد الدولي في يناير/كانون الثاني 2024، فإن نحو 60% من الوظائف في الدول المتقدمة، بما في ذلك بلجيكا، سوف تتأثر بالذكاء الاصطناعي، مقارنة بنحو 40% في بقية العالم .
ومن بين هذه الوظائف، يمكن دعم نصفها بشكل كبير بواسطة الذكاء الاصطناعي من خلال زيادة الإنتاجية، في حين يواجه النصف الآخر خطر المنافسة المباشرة من قبل التكنولوجيا، مما يقلل الطلب على العمالة والأجور وأعداد التوظيف، وحتى يؤدي إلى اختفاء بعض الوظائف.
ومن الجدير بالذكر أنه على عكس الماضي عندما كانت التكنولوجيا تحل بشكل أساسي محل الوظائف المتكررة التي يمكن أتمتتها بسهولة، فإن الذكاء الاصطناعي اليوم يتغلغل عميقًا في المجالات التي تتطلب خبرة عالية.
وفي هذا السياق، هل تستطيع المهن التي تركز على الإنسان مثل التوظيف، حيث تلعب مهارات التواصل والتعاطف دورا رئيسيا، أن تحافظ على مكانتها؟
في أوروبا، لا يزال الذكاء الاصطناعي في مرحلة تجريبية ويحظى بدعم محدود في قطاع التوظيف.
في بلجيكا، يُستخدم الذكاء الاصطناعي حاليًا فقط للتعرف على الملفات الشخصية، وفحص السير الذاتية، وإدارة قواعد البيانات، أو الإعلان عن الوظائف، وفقًا لجويل بويلفاش، المدير الإقليمي لشركة روبرت هاف لاستشارات الموارد البشرية. المقابلات الآلية نادرة، لكن الوضع قد يتغير بسرعة في المستقبل القريب.
ومع ذلك، وفقًا للخبراء، لم يُلغِ الذكاء الاصطناعي دور مسؤول التوظيف تمامًا، وربما لا يستطيع ذلك. بل يلعب دور أداة دعم، مما يُساعد على توفير الوقت وتحسين الكفاءة في العمليات المتكررة.
قالت كلاريسا برايس، مديرة في شركة التوظيف روبرت والترز، إنه ينبغي استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة لتعزيز الخبرة البشرية. على سبيل المثال، باستخدام أداة تلخيص المقابلات، يمكن لمسؤولي التوظيف التركيز بشكل أكبر على الاستماع أثناء المحادثة، مع الاحتفاظ بسجل واضح ومتماسك للأرشفة.
رغم التقدم في الذكاء الاصطناعي، لا يزال العنصر البشري جوهر عملية التوظيف. إنه أمرٌ لا يمكن رقمنته. لقاءٌ وجهاً لوجه، نظرةٌ عابرة، ابتسامةٌ أو مصافحة، تفاصيلٌ تبدو صغيرة، قد تكون حاسمة في عملية التوظيف.
عادةً ما ينتهي التوظيف بمصافحة، أو بعاطفة، أو بتواصل إنساني. تُمثل هذه اللحظة بداية علاقة عمل. لذلك، على صاحب العمل بناء الثقة والود منذ اللقاء الأول، كما أكد السيد بويلفاش.
إن تطوير الذكاء الاصطناعي في التوظيف أمرٌ لا مفر منه. ومع ذلك، ينبغي النظر إلى هذه التقنية كأداة مساعدة فقط، ولا يمكنها أن تحل محلّ البشر تمامًا، على الأقل في الوقت الحاضر والمستقبل القريب.
لا يعتبر الموظفون المسؤولون عن التوظيف مجرد "مختارين"، بل هم أيضًا أشخاص يلهمون المرشحين ويتواصلون معهم ويفهمونهم في رحلة حياتهم المهنية.
"تستطيع التكنولوجيا معالجة البيانات، لكن البشر وحدهم قادرون على استشعار مشاعر كل مرشح وتفاصيله وعمقه. وهذا ما تحتاجه الشركات دائمًا"، هذا ما أشار إليه السيد بويلفاش.
المصدر: https://www.vietnamplus.vn/ai-lieu-co-soan-ngoi-chuyen-gia-tuyen-dung-post1051403.vnp
تعليق (0)