(NB&CL) غيّر تطور وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا طريقة استهلاك المستخدمين للأخبار. وللحفاظ على بقائها، لم تعد الصحف مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل قد تحتاج إلى إعادة هيكلة وتنظيم لتصبح أكثر تنوعًا في الخدمات. وهذه أيضًا وسيلة للصحف لمواصلة مهمتها التقليدية في نقل الأخبار ونقل الحقيقة للجمهور.
عندما لم تعد الصحافة قوية في… نقل الأخبار!
في هذه المرحلة، لم تعد القيمة التي كانت تُعتبر مرادفةً للصحافة - الأخبار - تُعتبر قوةً وقيمةً حقيقية. ومن المفارقات أن الأخبار الأساسية لا تزال تأتي من مصادر صحفية تقليدية، ولكن من الواضح أن معظم القراء يتجهون إلى جوجل وفيسبوك وإنستغرام وتيك توك... وقريبًا إلى أدوات الذكاء الاصطناعي لتلبية احتياجاتهم الإخبارية.
لا تزال الصحافة تدعو إلى النضال، حتى أن بعض الدول، مثل أستراليا وكندا، تدخلت بشكل مباشر لإجبار عمالقة التكنولوجيا (شركات التكنولوجيا الكبرى) على دفع أجور للصحافة مقابل المحتوى الذي يُنشر على منصاتها. إلا أن هذا الهدف أصبح "بعيد المنال". والسبب هو أن معظم المؤسسات الصحفية، في العالم وفي فيتنام، تُقدم الأخبار بشكل استباقي ومجاني تمامًا على منصات التواصل الاجتماعي ومنصات التكنولوجيا التابعة لشركات التكنولوجيا الكبرى.
كم عدد المواقع الإخبارية التي لا ترغب في ترشيح جوجل لها أو حذف محتواها مباشرةً، خاصةً إذا تجرأت على قطع خدمة الأخبار عن جوجل؟ أما بالنسبة لتحدي الذكاء الاصطناعي، فقد تعاونت العديد من وكالات الأنباء والصحف الكبرى حول العالم بنشاط لتزويد شركات الذكاء الاصطناعي بالمحتوى، مثل أسوشيتد برس، ورويترز، وتايم، ودير شبيغل، وفورتشن.
علينا أيضًا أن نواجه الواقع، فلا يجوز للصحافة، ولا ينبغي لها، أن تتعارض مع التوجه العام للعصر والتقدم العلمي والتكنولوجي، وكذلك مع المصالح المشتركة للمجتمع فيما يتعلق بالحق في الوصول إلى المعلومات. ولذلك، لا يزال على الصحافة توفير الأخبار مجانًا على الإنترنت، ثم على منصات التواصل الاجتماعي، والآن التعاون مباشرةً مع شركات الذكاء الاصطناعي.
لقد تغير التاريخ. وكما هو الحال مع العديد من المهن الأخرى، تحتاج الصحافة إلى تغيير، وإعادة تموضعها لتصبح أكثر قيمة في العصر الجديد. أو أن ننسى أن الصحافة مجرد وسيلة لتغطية الحياة الاجتماعية أو عكسها. ببساطة، لم تعد الصحافة الآن سوى جزء صغير من هذه المهنة. في الماضي، كانت هناك غرف أخبار ومراسلون فقط، أما الآن فهناك ملايين وملايين الأشخاص الذين يقومون بهذه المهمة "الإعلامية" على الإنترنت، من مستخدمين عاديين إلى مشاهير ومؤسسات أخرى.
الصحافة بحاجة إلى أن تتسلح بقيم جديدة أو تركز على ما تبقى من قوتها، بل وتعيد هيكلتها وبنائها بشكل كامل، حتى تصبح نموذجا مختلفا تماما عن ذي قبل.
كن "منارة" في عاصفة المعلومات
تخطو الصحافة أولى خطواتها في هذه المسيرة الجديدة، والتي ربما تكون في أمسّ الحاجة إليها. وتقود العديد من المؤسسات الإخبارية، بما فيها التلفزيون، هذا المسار بالعودة إلى الماضي والبدء من جديد. هذه المؤسسات تُجبر القراء أو المشاهدين على دفع المال مقابل المعلومات، بدلاً من تقديمها مجانًا.
من الواضح أن المعلومات التي تُغمر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ليست بتلك البساطة، بل هي المعلومات الكامنة وراء المعلومة. فإذا كانت الصحافة ووسائل الإعلام في الماضي تلجأ إلى حلّ الأسئلة الخمسة (من، ماذا، أين، متى، ولماذا؟) لبيع المعلومات للقراء، فإن الصحافة اليوم ستُضطر إلى حلّ مشاكل أعمق، مثل: "ماذا بعد؟" أو "كيف؟" أو "ما الحل؟".
والأمر الأكثر أهمية هو أن حل هذه "الوظائف" الجديدة للصحافة لا يهدف فقط إلى "الروعة" أو "السمو"، بل إلى جلب قيمة حقيقية مباشرة للجمهور/القراء، سواء من الناحية الروحية أو المادية (كما كان الحال من قبل عندما كانت "5W" لا تزال تجلب قيمة حقيقية للقراء).
على سبيل المثال، اليوم، عند الدفع للوصول إلى الصحف الاقتصادية الرائدة في العالم مثل فاينانشال تايمز أو بلومبرج أو الإيكونوميست، سيحصل قراؤها على معلومات تخدم أنشطتهم التجارية بشكل مباشر، مثل الأعمال التجارية أو الاستثمار أو الأسهم أو العملات المشفرة، وليس مجرد القراءة "للحصول على المعلومات" وتلبية احتياجاتهم الإخبارية العادية.
أو الصحف التي تُجيد بيع الاشتراكات المدفوعة، مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست، تُقدم معارف ومعلومات مُعمّقة ضرورية للباحثين والمهتمين في كل مجال، بالإضافة إلى الأخبار الرائجة المعتادة. إضافةً إلى ذلك، عند الدفع للوصول إلى هذه الصحف، يحصل القراء أيضًا على العديد من المزايا الإضافية، مثل ممارسة الألعاب، والحصول على عروض ترويجية، والحصول على معلومات جذابة تُلبي احتياجاتهم...
ومع ذلك، فإن هذه التغييرات لا تزال غير مكتملة وليست جوهرية، ولا تزال تحمل لون الصحافة التقليدية.
تتجه الصحافة العالمية الآن نحو تحول أعمق، بل تُحدث ثورة في "إعادة الهيكلة". لن تكون الصحيفة حينها مجرد مؤسسة إخبارية أو دعائية أو تأملية، بل ستصبح قطاعًا خدميًا متعدد الوظائف، مرتبطًا بالاتصالات والتكنولوجيا.
وفي الوقت الحالي، تحولت العديد من المنظمات الصحفية، بما في ذلك في فيتنام، في هذا الاتجاه، فأصبحت مقدمًا لخدمات الصحافة والإعلام والتكنولوجيا، وخدمات الاستشارات، وحتى أصبحت منظمي فعاليات محترفين في المجالات التي تتمتع فيها بنقاط قوة - مثل الأنشطة الرياضية، أو المنتديات الاقتصادية، أو برامج التعاون الاستثماري.
نيوزكويست (Newsquest) من المؤسسات الرائدة في هذا المجال. وبصفتها إحدى أكبر المجموعات الإعلامية في المملكة المتحدة، وتضم 250 علامة تجارية إخبارية، تتجه نيوزكويست نحو التحول إلى شركة تسويق رقمي. وقد أطلقت علامتها التجارية LocalIQ، التي ستساعدها على الوصول إلى سوق الإعلانات الرقمية من خلال حلول الإعلان على منصات التواصل الاجتماعي، والبحث، والإعلانات المصورة.
في غضون ذلك، أقامت صحيفة الجارديان شراكات مع علامات تجارية لإطلاق صفحات منتجات لزيادة الإيرادات. إضافةً إلى ذلك، تتجه العديد من الصحف الكبرى وذات السمعة الطيبة إلى التحول إلى مؤسسات متعددة الخدمات، مثل الشراكة مع خبراء أو منظمات لتقديم المشورة والدعم لقرائها في القضايا الاقتصادية والقانونية والصحية، أو حتى حل المشكلات القانونية.
لا شك أن هذه الاتجاهات ستسبب، في بعض النواحي، إزعاجًا للصحافة التقليدية. لقد تغير تاريخ الصحافة. علاوة على ذلك، وللحفاظ على رسالتها كـ"منارة" في خضمّ عاصفة المعلومات الفوضوية الحالية، تحتاج المؤسسات الصحفية إلى معرفة كيفية التكيف للبقاء والصمود!
بوي هوي
[إعلان 2]
المصدر: https://www.congluan.vn/xu-huong-bao-chi-tai-co-cau-va-tai-cau-truc-tren-the-gioi-post330841.html
تعليق (0)