في صباح خريفي لطيف، التقينا بالسيد لي آن نا في مقهى صغير في قلب هانوي . خلق هواء الصباح المنعش وموسيقى الجاز الهادئة جوًا من الاسترخاء والعمق.
بسلوكها الطبيعي وأسلوبها الراقي في التواصل، سرعان ما جعلتنا السيدة آنا نشعر بالتقارب والانفتاح. قصص قصيرة وذكريات... مع كل قطرة قهوة، تكشفت لنا قصتها تدريجيًا، لتنتقل بنا من ذكريات الطفولة المفعمة بالفضول حول آداب السلوك والآداب العامة إلى رحلة لتصبح من أبرز الخبراء في مجال التدريب على آداب التواصل الدولي بشكل خاص، وفي مجال الثقافة بشكل عام.
مرحباً أستاذة لي آن نا، هل يمكنك مشاركة المزيد حول ما دفعك إلى متابعة مجال الآداب والسلوكيات؟
المعلمة لي آن نا: منذ صغري، كنتُ مفتونةً بكل ما هو رقيق وأنيق ومرتب ومنظم. أعتقد أن هذا، كشخصية فطرية، يحدث لي بشكلٍ طبيعي، في أي وقت وفي أي مكان في الحياة. في ذلك الوقت، لم يكن لديّ تعريف واضح للأناقة أو الآداب، بل كانت شخصيتي وتفضيلاتي وعاداتي ببساطة. عندما كبرت، بدأتُ أُولي اهتمامًا أكبر لترتيب المنزل وعرضه، مثل ركن الدراسة، ومزهريات الزهور، والطاولات والكراسي... من الحفلات العائلية أو الاجتماعات المزدحمة، حيث كنتُ دائمًا ما أشعر بالفضول لمعرفة كيفية تواصل الناس، وكيفية تحيتهم وتصرفاتهم مع بعضهم البعض.
أتذكر أنه عندما كنت صغيرة، أو ربما أكبر (يضحك)، حوالي 14-15 عامًا، في كل مرة أتيحت لي الفرصة لحضور مناسبات أو تجمعات عائلية، كنت أراقب بعناية كل كلمة، كل لفتة، كل سلوك للبالغين، الطريقة التي يرتدون بها ملابسهم، ويمشون، ويتصرفون، ويتواصلون، ويأكلون ويشربون على الطاولة ... كانت تلك الفتاة الصغيرة مفتونة بالطريقة التي رتبت بها والدتها وأعمامها وخالاتها كل شيء، وعرضوه، وأداروه، وتساءلت كيف يمكن أن يسير كل شيء بسلاسة ولطف ودقة.
المعلمة لي آن نا ولحظات الاسترخاء اليومية مع مجموعة شاي بعد الظهر.
في ذلك الوقت، لم أكن أعلم أن ما استمتعتُ بمراقبته سيُشكل مسيرتي المهنية لاحقًا. وهكذا، مع مرور الوقت، وحتى الآن، عندما أستعيد ذكرياتي، في هذه اللحظة، يُمكنني أن أسميها شغفًا شخصيًا أصبح أساس ما أسعى إليه اليوم. بالنسبة لي، الآداب والسلوكيات ليست مجرد قواعد اجتماعية جامدة، بل هي أيضًا وسيلة يُظهر فيها الناس مراقبتهم الشخصية واحترامهم لبعضهم البعض، وفي الوقت نفسه تُساعدهم على أن يصبحوا أكثر أدبًا وثقةً واحترافيةً في جميع المواقف.
كيف أثرت رحلتك الدراسية والعملية من فيتنام إلى الخارج على حياتك المهنية؟
الأستاذة لي آن نا: بعد إتمامي برنامج الماجستير في الاتحاد الروسي، أتيحت لي فرصة تطوير مسيرتي المهنية والعمل في العديد من دول العالم . وقد منحتني سنوات إقامتي في عدة دول في آسيا وأوروبا رؤىً متعددة الأبعاد حول الثقافة والتواصل. وكان ذلك أيضًا مصدر إلهام كبير لي لفتح مجال بحثي جديد في برنامج الدكتوراه الخاص بي: التواصل متعدد الثقافات/بين الثقافات.
أشعر أنني محظوظ جدًا لانفتاحي على ثقافات متنوعة وغنية، وتعلمي من أنظمة التعليم الحديثة. لقد منحتني كل دولة وثقافة معارف وقيمًا ودروسًا قيّمة، وفهمًا لتنوع التواصل وآداب السلوك في كل دولة.
لا أدرب الشركات والأعمال الفيتنامية فحسب، بل أيضًا طلابًا من ثقافات أخرى عديدة، مثل أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا وفرنسا وألمانيا والسويد وبلجيكا وسويسرا واليابان وكوريا وتايلاند وسنغافورة وغيرها. ساعدتني هذه التجارب الدولية على فهم أهمية التواصل الثقافي والتواصل بين الثقافات وآداب السلوك بشكل أفضل في سياق التكامل العالمي المعاصر. أُدرك أنه للاندماج بثقة في المجتمع الدولي دون فقدان هويتنا الثقافية، علينا أن نتزود بمعارف ومهارات شاملة، وخاصةً بأساس متين من الفهم الثقافي.
تعتقد المعلمة لي آن نا أن النجاح لا يأتي فقط من المعرفة المهنية، ولكن أيضًا من الخلفية الثقافية والطريقة التي نتصرف بها ونعبر عن أنفسنا للعالم الخارجي.
باعتبارك خبيرًا، هل يمكنك أن تخبرنا المزيد عن الرحلة التي مررت بها، وخاصة في مجالات الثقافة والتواصل بين الثقافات والتعليم في فيتنام؟
الأستاذة لي آن نا: بصفتي محاضرة جامعية لمدة تقرب من 20 عامًا، فإنني أضع دائمًا في اعتباري أنه يجب عليّ أن أعيد المعرفة والخبرة التي اكتسبتها من دراستي، والمساهمة في قضية التعليم المشتركة، وخاصة إلهام تحسين وتعزيز المعايير الثقافية والتواصل والسلوك في بيئة متعددة الثقافات بالإضافة إلى البيئة التعليمية للجيل الشاب في فيتنام.
إن الشباب اليوم ليسوا جيدين جدًا في المعرفة فحسب، بل إنهم يحتاجون أيضًا إلى عوامل أخرى مثل اللغات الأجنبية، وخاصة فهم الثقافة الفيتنامية على وجه الخصوص والثقافات حول العالم بشكل عام، من أجل الاندماج عالميًا بشكل استباقي وواثق.
لهذا السبب أيضًا، أسستُ أكاديمية بافي (أكاديمية الآداب والأسلوب الفيتنامي) رغبةً مني في توفير بيئة أكاديمية ومهنية لا يقتصر فيها تعلم الطلاب على آداب السلوك الدولية، وبناء أسلوبٍ وثقةٍ راسخةٍ وممارستهما، بل يشمل أيضًا فهم القيم الثقافية كأساسٍ أساسيٍّ لجميع سلوكياتهم وتصرفاتهم. في بافي، نؤمن بأن لكل فرد قيمه الفريدة، ومهمتنا هي مساعدتهم على إدراك هذه القيم وتطويرها ليُصبحوا النسخة الأجمل والأكمل من أنفسهم. من دوراتٍ للأطفال إلى برامج تدريبية للشركات والمؤسسات التعليمية، نهدف دائمًا إلى مساعدة الطلاب على الاندماج، لا على الذوبان، وبناء أسلوبهم وهويتهم الخاصة، مع الحفاظ دائمًا على القيم الثقافية الأساسية للأمة.
باعتبارك معلمة وباحثة وتقوم حاليًا بإكمال أطروحتك للدكتوراه في الثقافة، هل يمكنك مشاركة القليل من المعلومات حول أهمية ربط الثقافة الفيتنامية والثقافة العالمية في السياق التعليمي الحالي؟
الأستاذة لي آن نا: الثقافة هي روح الأمة، وما دامت الثقافة موجودة، تبقى الأمة قائمة. التواصل الثقافي ليس مجرد مسألة علاقات خارجية بين الدول، فالثقافة هي الجسر بين الأمم. كل فرد، كل شخص، في سياق التواصل الثقافي العالمي الوثيق اليوم، يحمل في نفسه رسالةً أعتز بها وأؤكد عليها دائمًا: يجب أن نفهم ثقافتنا ونحترمها جيدًا قبل أن نندمج مع العالم.
المعلمة لي آن نا في كيمونو ياباني تقليدي
لهذا السبب، صممتُ دورات أكاديمية بافي التدريبية لتشمل دائمًا عناصر عامة ومحددة. في بافي، لا نُعلّم آداب السلوك والتواصل والمهارات الشخصية فحسب، بل نُساعد الطلاب أيضًا على إدراك أن الثقة تنبع من فهم قيمهم واحترامهم لأنفسهم. عندما يثق الطلاب بقيمهم الثقافية، يصبحون أكثر قدرة على الاندماج مع العالم دون خوف من الانحلال أو فقدان هويتهم. لهذا السبب، أُركز دائمًا على ربط الثقافة الفيتنامية بالعالم في برامجي التدريبية وأنشطتي المهنية.
باعتبارك شخصًا يتمتع بخبرة لسنوات عديدة في مجال التعليم والتدريب، وخاصة في الثقافة والتواصل بين الثقافات، هل لديك أي نصيحة للشباب على طريق التنمية الشخصية؟
المعلمة لي آن نا: نصيحتي الأهم للشباب هي التمسك دائمًا بشغفهم وهويتهم. لكلٍّ منا نقاط قوته واهتماماته وشغفه، ومن المهم أن نتعلم باستمرار، وأن نحدد بوضوح قيمنا الشخصية وهويتنا لنواصل تعزيزها وتطويرها. الصبر والجهد المتواصل سيأخذانكم إلى آفاق لم تخطر ببالكم.
علاوة على ذلك، أودّ التأكيد على أن النجاح لا ينبع فقط من المعرفة المهنية، بل أيضًا من الخلفية الثقافية وطريقة سلوكنا وتعبيرنا عن أنفسنا للعالم الخارجي. ولذلك، يُعدّ الفهم العميق للثقافة، واستخدامها كأساس لممارسة الأخلاق والآداب، بالإضافة إلى السلوكيات، جزءًا لا غنى عنه في رحلة تطوير الذات وبناء هوية كل فرد.
وأخيرًا، تذكر دائمًا أن كل فرد لديه قيمته الخاصة ومهمتنا هي تطوير هذه القيمة، ليس فقط لخلق النجاح لأنفسنا ولكن أيضًا للمساهمة في المجتمع.
شكرا لك يا أستاذ لي آن نا على المشاركة!
[إعلان 2]
المصدر: https://phunuvietnam.vn/thac-si-le-an-na-va-su-menh-lan-toa-gia-tri-van-hoa-nghi-thuc-va-phong-thai-cho-the-he-tuong-lai-20240830151643956.htm
تعليق (0)