في حين يُقطع البصل الأخضر عادةً قطعًا قصيرةً ويُخلط أو يُرشّ لإضافة نكهة إلى بعض الأطباق، يُمكن استخدام الثوم المعمر وحده لتحضير حساءات غنية ومركّزة. يُضفي حساء الثوم المعمر نكهاتٍ مألوفة، من وجبات الريف اليومية الهادئة إلى وجبات الحصاد المُزدحمة والمُستعجلة.
حساء الثوم المعمر البارد
الصورة: تران كاو دوين
إذا قلتَ "أي شخص يستطيع صنع حساء الثوم المعمر"، فهذا صحيح. لكن أن يكون لديك قدر من حساء الثوم المعمر "برائحة جميلة وطعم مميز"، فلا أحد في عائلتي يستطيع صنعه، سوى أمي. أمي كثيراً ما تقول إنكم مثل أبيكم، تُطرون عليّ وتُشيد بي لمحاولتي، لكن بضع حفنات من الثوم المعمر، وقليل من اللحم المفروم، وبعض البصل المقلي، والتوابل العادية تكفي لتحضير قدر من الحساء يُنعشك في الأيام الحارة، ويُشعرك بالرغبة في... إذابة الدهون.
عندما شاهدتُ أمي تُحضّر حساء الثوم المعمر، لم يبدو الأمر معقدًا، بل يتطلب بعض العناية. قلّبت أمي حفنة من شرائح رقيقة من الكراث، ثم أضافت نصف كوب من اللحم المفروم وقلّبته. عندما يصبح اللحم متماسكًا قليلًا، تبّليه. شددت أمي قائلةً: تذكري تقليبه قليلًا! إذا قلّبتِه كثيرًا، سيتخدر اللحم، ولن يتنفس، ولن يمتصّ رائحة الثوم المعمر اللذيذة والنفاذة.
أمي ذكية جدًا! إذا احتجتِ إلى وعاءين من الحساء لتحضير وجبة كاملة، فإن أمكِ تقيس هذه الكمية من الماء وتسكبها في القدر. أفهم أن سكب القليل من الماء لن يكفيك، وإذا كانت الوجبة "مخيبة للآمال"، فستفشل. أما إذا سكبتِ الكثير من الماء، فسيطفو الحساء، وسيصبح الماء مائيًا، وسيختلف الطبق، وسيصبح بلا طعم، مما يُهدر المكونات وجهد الطباخ. عندما يبدأ الماء بالغليان، اسكبي الثوم المعمر فورًا. انقلي القدر من الموقد إلى الصينية فور نضج الثوم المعمر.
الثوم المعمر طري ورقيق لدرجة أنه هش للغاية. بعد ثوانٍ قليلة، ستتحول أوراقه إلى اللون الأخضر وتتشقق من كثرة غليها. قال أبي إنه قبل سكب الحساء في الوعاء، يكفي النظر إلى اللون الأخضر لأوراق الثوم المعمر ليُدرك أن الحساء كان أنجح مما توقع. استلهم أبي الفكرة، ففكّر مليًا، كأنه يشم رائحة الأرز بعد طهيه، فشم رائحة خفيفة ونفاذة يعني أن الثوم المعمر قد أصبح حساءً.
ثم أتعلمون ماذا؟ لم يُقدّم الحساء بعد، لكن رائحته انتشرت في كل مكان. تجمّعت العائلة بأكملها على المائدة لتناول الطعام. إن لم تكن رائحة حساء الثوم المعمر الجذابة، فماذا تكون؟
لاحقًا، وأنا أعيش بعيدًا عن المنزل، في حنينٍ إلى مطبخ الريف، تشغل صورة أمي ورائحة حساء الثوم المعمر مكانةً بارزةً في ذاكرتي. أسميها رائحة الذكريات. وكثيرًا ما أتذكر ما قالته أمي وهي تطبخ الحساء: "الثوم المعمر سهل الزراعة، وسهل تحضير الحساء. لكن أوراقه طرية، لزجة، ومتشابكة. لذا، عند سكبه أو التقاطه، كن لطيفًا وبطيئًا، لا تدعه... يتشابك كحساء الثوم المعمر، فيفقد جماله". ربما هكذا علّمتني أمي كيف أتناول الطعام وأعيش حياةً هانئةً ومتواضعةً من هذا الحساء البسيط.
شوربة الثوم المعمر مع قليل من اللحم المفروم، شوربة خضراء باردة ومنعشة، تشغل ركنًا من طفولتي. مع أنها بعيدة، إلا أنني كلما أعددتُ قدرًا من شوربة الثوم المعمر، أتخيل المطبخ والنار المتوهجة وأمي الحبيبة بجانبي. هذا الطبق البسيط يُخلّد ذكرى جميلة، كجمال أوراق الثوم المعمر الخضراء المتطايرة في ركن من أركان الفناء الريفي، حيث ترفرف الفراشات الصغيرة.
المصدر: https://thanhnien.vn/mui-huong-canh-he-va-noi-nho-bep-que-18525091321503631.htm
تعليق (0)