لا يمكن لأحد منا أن يظل غير مبالٍ بالحادث المأساوي الذي وقع في كوانج نينه - حيث انقلب قارب سياحي ، مما تسبب في سقوط العديد من الضحايا، حيث غمر الألم الذي لا يوصف الضحايا وأقاربهم.

ولكن ما يجعل قلوب الناس تتألم أكثر ليس البكاء في الميناء فحسب، بل أيضاً الضحك البارد الخالي من الروح الذي يتردد صداه في العالم الافتراضي ــ حيث يتم تداول مقاطع فيديو مزيفة وصور معدلة ببراعة على نطاق واسع، ليس للإبلاغ عن الأخبار أو المشاركة، بل من أجل... إحصاء "الإعجابات" و"المشاهدات" و"المتابعات" للألم الحقيقي الذي يعاني منه مواطنونا.

يجب أن نسميها باسمها: إنها اللامبالاة المتعمدة، ولعبة تفاعلية غير أخلاقية، وجرح ثانٍ وأعمق يقطع الضمير الاجتماعي.

بينما كانت السفينة تميل وسط الأمواج الهائجة، سارع البعض لإنقاذ الضحايا، وذرف بعضهم الدموع مع أهاليهم، بينما شغّل آخرون برامج المونتاج، وأنشأوا مقاطع فيديو مزيفة لانقلاب السفينة، وأضافوا صراخًا، بل وموسيقى خلفية مخيفة. بعد ساعات قليلة، غُمرت منصات التواصل الاجتماعي بمقاطع "مسرح جريمة زائف"، بعضها يدّعي أنه شهود، وبعضها الآخر يُقدّم "تحليلات معمقة" كانت في الواقع مبالغات لا أساس لها.

لم يعد الناس يخافون من ارتكاب الأخطاء، بل يخافون فقط من عدم القدرة على الانتشار.

ربما يكون طفلًا يتعلم كيفية كسب المال عبر الإنترنت. أو ربما يكون بالغًا عاجزًا في الحياة الواقعية وقد بنى عالمه الافتراضي الخاص. ولكن مهما كان السبب، فإن استغلال آلام الآخرين كمنصة لتحقيق أهداف شخصية أمر غير مقبول في أي ثقافة سليمة.

w لاتاو كوانج نينه 5jpg 1886 (1).jpg
مشهد السفينة المنقلبة في كوانغ نينه. تصوير: فام كونغ.

الثقافة لا تقتصر على الأمور الكبيرة، ولا على المتاحف أو المسارح الفاخرة فحسب، بل تتعلق بالمواقف، وبكيفية تعاملنا مع معاناة الآخرين، وبالحدود بين الناس في مجتمع متحضر.

إن انتشار الفيديوهات المزيفة والمعلومات المحرفة لا يقتصر على إيذاء الضحايا وعائلاتهم فحسب، بل يُقوّض الحقيقة بشكل خطير، ويُقوّض ثقة الجمهور بالصحافة السائدة، والأسوأ من ذلك، أنه يُقوّض القيم الأخلاقية الأساسية: التعاطف والرحمة.

عندما نسمح بانتشار "المحتوى السام" بحرية، دون سيطرة أو استجابة، فإننا نسمح لجيل أن يكبر مع فكرة مفادها: "طالما كان هناك تفاعل، فإن الصواب والخطأ، والصدق والكذب ليسا مهمين".

يجب أن يكون الأمر واضحًا: لم تعد هذه قصة شخصية. هذا هو تحدي العصر الرقمي - حيث لا يقتصر دور كل مواطن على تلقي المعلومات فحسب، بل يُنتجها أيضًا. ولذلك، تقع المسؤولية علينا جميعًا - العاملون في مجالات الثقافة والصحافة والسياسة والتعليم وأولياء الأمور.

هناك حاجة إلى تدابير أكثر حزمًا للتعامل مع الأخبار الكاذبة والفيديوهات المزيفة - ليس فقط من المنصات الرقمية، بل أيضًا من خلال القانون نفسه. يجب تطبيق قانون الأمن السيبراني، وقانون الصحافة، والمراسيم المتعلقة بالتعامل مع الأخبار الكاذبة بصرامة، وقد تُضاف لوائح جديدة لمواكبة الطبيعة المتزايدة الخطورة للأخبار الكاذبة المرتبطة بالكوارث.

وفي الوقت نفسه، نحن بحاجة إلى تعزيز التعليم الإعلامي في المدارس والأسر - تعليم الأطفال كيفية التعرف على مقاطع الفيديو المزيفة، وفهم المسؤولية عند مشاركة المحتوى، وخاصة تعزيز التعاطف كجزء من الإنسانية.

عندما تنقلب السفينة، يرتفع مستوى الماء. لكن عندما ينكسر قلب الإنسان، تكون الخسارة أعظم بكثير.

كل إعجاب على فيديو مزيف هو بمثابة سكين خفي يقطع ألم الضحايا الحقيقيين. في كل مرة تُنشر فيها معلومات كاذبة، يدفع ذلك المجتمع نحو الحيرة والشك والانفصال.

لا يُمكننا استخدام مُسمّى "حرية المعلومات" لتبرير السلوك غير الأخلاقي. ولا يُمكننا استخدام ذريعة "إنها مُجرّد وسائل تواصل اجتماعي" للتملص من مسؤوليتنا المدنية في العصر الرقمي.

كان حادث قطار كوانغ نينه مأساة. لكن كيفية تعامل المجتمع مع هذه المأساة ستحدد هويتنا.

هل هو مجتمع يعرف كيف يشارك ويستمع ويحب؟ أم هو حشد يندفع نحو المشاكل ليتنافس على دقائق من الشهرة؟

فليُعلو صوت الثقافة واللطف والإنسانية فوق كل الأصوات الفوضوية. فلتكن كل نقرة من نقراتنا خيارًا - خيارًا للوقوف في صف الحقيقة، في صف الإنسانية، في صف مجتمع يتمتع بالكرامة.

لأن الثقافة، في نهاية المطاف، ليست شيئاً بعيداً عنا، بل هي الطريقة التي نستجيب بها لألم إخواننا البشر.

اعتذرت تاي ثوي لينه عن نشر صور لضحايا حادث قطار كوانغ نينه بالخطأ. اعتذرت تاي ثوي لينه عن نشر صور لأطفال عائلة ووصفهم بأنهم ضحايا حادث قطار كوانغ نينه.

المصدر: https://vietnamnet.vn/dem-like-tren-noi-dau-mot-vet-thuong-khac-tu-vu-lat-tau-o-quang-ninh-2424771.html