زيارة متعددة الرسائل

سيقوم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة رسمية إلى بولندا وأوكرانيا في الفترة من 21 إلى 23 أغسطس. تُعد هذه الزيارة حدثًا دبلوماسيًا هامًا، وفرصة لنيودلهي لإرسال رسائل ذات مغزى.

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يصل إلى وارسو، بولندا، 21 أغسطس/آب. (المصدر: PTI)

وتعتبر زيارتا رئيس الوزراء مودي إلى الدولتين الواقعتين في أوروبا الشرقية تاريخية، حيث تمثلان المرة الأولى التي يزور فيها رئيس وزراء هندي بولندا منذ 45 عاما وأوكرانيا منذ أكثر من 30 عاما.

السهام تستهدف العديد من الأهداف

أما بالنسبة لبولندا، فقد دعمت الهند بقوة خلال الحرب العالمية الثانية كفاحها ضد غزو ألمانيا النازية. وشاركت بولندا والهند في تحالف الحلفاء في معركتي طبرق (1941) ومونتي كاسينو (1944).

تتزامن زيارة رئيس الوزراء مودي إلى بولندا مع الذكرى السبعين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين (1954-2024). وقد شهد التبادل التجاري الثنائي نموًا مطردًا في الآونة الأخيرة، ليصل إلى 5.72 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2023. وفي مجال الدفاع، سلمت بولندا 80 مركبة إنقاذ مدرعة من طراز WZT-3 للجيش الهندي. وتتعاون مجموعة WB البولندية، المُصنّعة للطائرات المسيّرة، بشكل وثيق مع القوات المسلحة الهندية...

يبلغ عدد الجالية الهندية في بولندا حوالي 25 ألف نسمة. وخلال إجلاء المواطنين العالقين في الدول المجاورة لأوكرانيا بسبب النزاع الروسي الأوكراني، ساعدت بولندا نيودلهي في إجلاء 4 آلاف طالب من أوكرانيا.

وفقًا لصحيفة تايمز أوف إنديا، يتطلع العديد من الهنود، وخاصةً الطلاب الهنود في بولندا، إلى زيارة رئيس الوزراء مودي بحماس. وبالتالي، ستساعد هذه الزيارة الهند على تعزيز علاقاتها مع بولندا، كما ستساعد السيد مودي على تعزيز صورته كقائد ذي إسهامات عديدة، لا سيما في سياق توليه منصب رئيس وزراء الهند للمرة الثالثة على التوالي.

وبالنسبة لأوكرانيا، حظيت الزيارة أيضًا باهتمام خاص لأنها جاءت في سياق الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الوزراء مودي إلى روسيا الشهر الماضي.

علاوةً على ذلك، أرسلت كييف قواتها فجأةً إلى مقاطعة كورسك الروسية، مما زاد من تعقيد الصراع. وعلقت تاتيانا شاوميان، رئيسة مركز الدراسات الهندية في معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم ، بأنه من المحتمل أن روسيا "تعتمد" على دور الوساطة الهندي.

في مواجهة ضغوط روسيا المتماسكة، وضرورة الحفاظ على علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة، لا تزال الهند تُبدي زمام المبادرة في خطواتها. منذ اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، حافظت نيودلهي على موقف متوازن. وأكد رئيس الوزراء مودي في قمة مجموعة السبع في إيطاليا أن "الهند ستواصل بذل كل ما في وسعها لدعم حل سلمي".

زيادة النفوذ

وتُظهر زيارة رئيس الوزراء مودي إلى دولتين في أوروبا الشرقية نهج الهند وسلوكها تجاه العلاقات الاستراتيجية.

أولاً، أبدت الهند الأهمية التي توليها لعلاقاتها الدبلوماسية الثنائية مع بولندا وأوكرانيا. تُعدّ بولندا من أسرع الاقتصادات نمواً في الاتحاد الأوروبي، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتلعب دوراً هاماً في الحفاظ على الأمن الأوروبي، لا سيما بعد اندلاع الصراع الروسي الأوكراني. ويُعتبر تعزيز نيودلهي لعلاقاتها مع وارسو جزءاً من استراتيجيتها لتنويع علاقاتها الدبلوماسية، مع التركيز بشكل أكبر على الدول متوسطة المستوى ذات الأدوار الاستراتيجية في المنطقة، لتعزيز حضور الهند في أوروبا ودورها في الشؤون العالمية. أما بالنسبة لأوكرانيا، فقد أظهرت الهند أيضاً دورها كطرف محايد، ربما كجسر بين أوكرانيا ودول أخرى، وخاصة الدول النامية، لطلب المساعدة الاقتصادية والإنسانية.

ثانيًا، تُوجّه الهند رسالةً إلى المجتمع الدولي تُؤكد فيها دعمها للسلام وحل النزاعات عبر الدبلوماسية والحوار والمفاوضات، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة. وستواصل الهند الحفاظ على موقف متوازن، وتعزيز حلٍّ عادل وسلمي للصراع الحالي.

ثالثًا، تتخذ الهند خطوات استراتيجية ومنهجية ومسؤولة في معالجة القضايا الدولية. قد لا تسعى الهند إلى لعب دور الوسيط، لكنها مستعدة لإيصال الرسالة بين الجانبين. وقد أجرت الهند تحضيرات دقيقة لزيارتها إلى أوكرانيا، حيث زار وزير الخارجية الأوكراني الهند في مارس 2024 والتقى بنظيره.

في يونيو/حزيران 2024، أرسلت الهند وفدًا إلى مؤتمر السلام في سويسرا بناءً على طلب أوكرانيا، إلا أنها لم توقع بيانًا مشتركًا بسبب غياب روسيا. وفي يوليو/تموز 2024، زار رئيس الوزراء مودي روسيا لفهم موقف موسكو، وهو الآن يزور بولندا وأوكرانيا المجاورة.

إن الإعداد والتنفيذ الدقيق للزيارة الخاصة التي قام بها رئيس الوزراء مودي إلى بولندا وأوكرانيا يوضح التزام الهند بالمساهمة في استعادة السلام في أوروبا، وخدمة الأهداف العالمية الأوسع لنيودلهي.

المصدر: https://baoquocte.vn/thu-tuong-an-do-den-ba-lan-va-ukraine-chuyen-tham-da-thong-diep-283485.html