وفي تلك الرحلة، تعتبر الصناعة البحرية بمثابة شريان الحياة للاقتصاد الوطني، وقد رافقت الأمة في كل مرحلة، من سنوات المقاومة الشاقة إلى التكامل اليوم والتطلعات إلى النهوض في المستقبل.
القطارات الثورية
في سبتمبر 1945، نقل القطار ما يقرب من 2000 رفيق من كون داو إلى البر الرئيسي.
بعد الاستقلال، واجهت الحكومة الثورية الفتية تحديات لا تُحصى. في سبتمبر 1945، تركت سفينة تحرير السجناء السياسيين في كون داو أثرًا بالغًا على النقل البحري في اليوم الأول للاستقلال. من مصب نهر تران دي، جابت سفينة فو كوك وعشرات القوارب الأمواج العاتية إلى كون داو لاستقبال ما يقرب من 2000 سجين سياسي عائدين إلى البر الرئيسي وسط فرحة عارمة. لم تكن هذه رحلة عودة الجنود الثوريين الصامدين إلى ديارهم فحسب، بل كانت أيضًا أول معلم بارز يؤكد أهمية النقل البحري الفيتنامي في مسيرة بناء الوطن.
خلال حرب المقاومة ضد الولايات المتحدة لإنقاذ البلاد، نقشت سفينة هو تشي منه في البحر اسم الصناعة البحرية في التاريخ المجيد للأمة. تغلبت تلك السفن الصغيرة الشجاعة على العواصف وحصار العدو، وقامت بـ 1879 رحلة بحرية، حاملةً ما يقرب من 153 ألف طن من الأسلحة والبضائع وأكثر من 80 ألف ضابط وجندي من مؤخرة الشمال إلى جبهة الجنوب. لم تكن كل سفينة تبحر تحمل البنادق والذخيرة فحسب، بل حملت أيضًا إرادة لا تلين وطموحًا لتوحيد البلاد. أصبح البحر آنذاك شريان الحياة للثورة، وسطّر البحارة ملحمة بطولية خالدة.
في 13 مايو 1955، غادر آخر الجنود الفرنسيين ميناء هاي فونج تحت إشراف ضابطين من جيش الشعب الفيتنامي.
بعد انتصار ديان بيان فو عام ١٩٥٤، تحرر الشمال بالكامل، ودخلت الصناعة البحرية فترة انتعاش. وسرعان ما أُعيد إحياء ميناء هاي فونغ، الذي استُولي عليه من المستعمرين، من تحت الأنقاض. وفي غضون أشهر قليلة، قام الكوادر والعمال بتطهير الممرات المائية وإصلاح الرصيف، مما أتاح في ٢٠ مايو ١٩٥٥ استقبال أولى السفن التي تحمل أبناء الوطن من الجنوب إلى الشمال. ومن هنا، أصبحت هاي فونغ البوابة الدولية لفيتنام المستقلة، حيث استقبلت ما يقرب من ٤٠ مليون طن من المساعدات خلال العقد ١٩٥٥-١٩٦٤.
المرة الثانية التي زار فيها العم هو ميناء هاي فونج (30 مايو 1957)
خلال زيارته للميناء في 30 مايو 1957، نصح الرئيس هو تشي منه موظفي الميناء وعماله قائلاً: "الوحدة قوة. عندما يرتفع المد، تطفو السفينة. أنتم يا شباب وشابات هنا في قارب واحد، لذا يجب أن تتحدوا مع بعضكم البعض. يجب أن يرتبط مستقبلكم الشخصي بمصالح الوطن والطبقة العاملة. من يسعى وراء مستقبله الشخصي يبتعد عن السفينة في عرض البحر..." أصبحت هذه النصيحة البسيطة والعميقة مبدأً توجيهيًا لأجيال عديدة من عمال الموانئ والقطاع البحري، إذ غذّت روح التضامن الجماعي، ورافقت الوطن في التغلب على جميع الصعوبات والتحديات.
عندما حاصر الإمبرياليون الأمريكيون الطريق البحري إلى الشمال، حوّل عمال ميناء هاي فونغ رصيفه إلى خندق، "يدٌّ تُحرّك رافعةً والأخرى تُمسك مدفعًا"، مُصمدين تحت وطأة القنابل والرصاص لضمان خط الإمداد. حتى وسط النيران والدخان، ظلّ ميناء هاي فونغ مُضاءً لتفريغ بضائع الإغاثة، ووسّع أرصفته، وأصبح شريان النقل في الشمال لدعم الجنوب الحبيب.
التكامل والتحديث، المحيط يفتح الطريق للتنمية
تم إعلان "دوي موي 1986" رسميًا في المؤتمر الوطني السادس للحزب الشيوعي الفيتنامي، الذي افتتح في 15 ديسمبر 1986 وأغلق في 18 ديسمبر 1986.
في 30 أبريل/نيسان 1975، توحدت البلاد، وللمرة الأولى، سيطرت فيتنام على كامل ساحلها الممتد على مسافة 3260 كيلومترًا، وعلى منطقة اقتصادية خالصة تزيد مساحتها عن 1.2 مليون كيلومتر مربع. ومع ذلك، خرجت البلاد من الحرب ببنية تحتية ضعيفة وحصار اقتصادي طويل. في ظل هذه الظروف، حافظ القطاع البحري على صموده في مواصلة عملياته، وضمان التجارة بين الشمال والجنوب، والحفاظ على السيادة على البحر والجزر.
جاءت نقطة التحول مع عملية دوي موي عام ١٩٨٦، عندما انفتحت البلاد على التكامل. وتم تحديد الصناعة البحرية كأحد ركائز الاقتصاد البحري. ومن هنا، دخل الأسطول الفيتنامي ونظام الموانئ مرحلة من التحديث. في عام ١٩٩٥، حشدت شركة خطوط الشحن الوطنية الفيتنامية (فينالينز، المعروفة حاليًا باسم VIMC) الموارد الوطنية لبناء وتطوير الأسطول والموانئ البحرية. بعد ١٥ عامًا، تضاعفت حمولة الأسطول سبعة أضعاف، وتوسع نظام الأرصفة ليتجاوز ١٦ كيلومترًا، ووصل حجم البضائع المناولة عبر الميناء إلى ٧٠ مليون طن سنويًا.
في العقود الأخيرة، شهد ظهور موانئ المياه العميقة الحديثة، مثل لاش هوين (هاي فونغ) وكاي ميب - ثي فاي (با ريا - فونغ تاو)، تقدمًا كبيرًا. في عام 2023، دخل ميناء كات لاي قائمة أكبر 20 ميناء حاويات في العالم، بينما ارتقى ميناء كاي ميب إلى المركز السابع عالميًا من حيث الكفاءة التشغيلية. وهذا ليس فخرًا للصناعة البحرية فحسب، بل للوطن بأكمله في مسيرة التكامل.
رؤية 2045: رحلة ما وراء الأمواج
بالنظر إلى المستقبل، لا يزال قطاع النقل البحري يحظى باهتمام متزايد في استراتيجية فيتنام البحرية حتى عام 2030، ورؤية عام 2045، الواردة في القرار رقم 36-NQ/TW الصادر في 22 أكتوبر 2018 عن اللجنة المركزية للحزب (الدورة الثانية عشرة). ويتمثل الهدف في بناء منظومة موانئ بحرية متزامنة، وأسطول قوي بما يكفي لنقل 25-30% من البضائع المستوردة والمصدرة، وتطوير خدمات لوجستية متقدمة، وتطبيق التكنولوجيا الرقمية، وخفض الانبعاثات، والمشاركة بشكل أعمق في سلسلة التوريد العالمية.
إنها رحلة تُواصل طموحات خريف عام ١٩٤٥: طموح الاستقلال، طموح الرخاء. من رحلات القوارب التي جابت الأمواج لتحرير السجناء السياسيين، ومن السفن الشجاعة قليلة العدد، إلى موانئ اليوم الحديثة، كانت الصناعة البحرية، ولا تزال، وستظل، تُرافق الأمة، مُخرجةً فيتنام إلى أعالي البحار بثقة وشجاعة.
بعد 80 عامًا من ثورة أغسطس، لا تزال كل موجة تُذكّرنا بروح الخريف التاريخية. تُعدّ الصناعة البحرية الفيتنامية، بتقاليدها العريقة وطموحها نحو البحر، شاهدًا حيًا على روح الاستقلال والاعتماد على الذات التي تتحلى بها الأمة. في رحلتها الجديدة نحو عام 2045، سيظل البحر فضاءً للبقاء والتنمية والتكامل، مما يجعل فيتنام دولة بحرية قوية، تُسهم في بناء بلد قوي ومزدهر.
المصدر: https://vimc.co/80-years-of-the-three-happy-months-when-buying-historical-history-and-hope-to-grow-well/
تعليق (0)