يعيش هو ثانه دو (الثاني من اليسار) في حب ورعاية الجميع في قرية إس أو إس للأطفال دونغ هوي، وهو منفتح واجتماعي بشكل متزايد. -صورة: تي إيه
التغلب على الظلام
في الصباح الباكر، تعجّ الساحة الصغيرة في قرية الأطفال SOS دونغ هوي بالترانيم الإيقاعية لكل حركة من حركات الفنون القتالية. وسط صفّ طويل من الخطوات الثابتة، يبرز هو ثانه دو، فتى برو-فان كيو، بقامته القصيرة وعينيه الحازمة وحركاته الحاسمة. بالنسبة لدو، تُعدّ ممارسة الفنون القتالية وقتًا مميزًا.
كان عادةً أول من يصل إلى الملعب، يُجري إحماءً كاملاً، ثم يقف في طابور هادئ. كان نحيفًا وسمراء، لكن كل حركة يقوم بها كانت تنضح بالقوة والانضباط والثقة. قلة من الناس كانوا ليتخيلوا أن هذا الفتى الصغير، الرشيق، دائم الابتسام، قد مرّ بأيام عصيبة بدت من المستحيل تجاوزها.
انضم دو إلى فنون القتال كفرصة ووسيلة للتغلب على ماضيه المؤلم. قبل أربع سنوات، اختفى والدا دو دون وداع، تاركين دو وإخوتها الثلاثة في قلب البرية، وحيدين ومنعزلين. في قلب الجبال والغابات النائية، حيث لا يزال الجوع والبرد يخيمان، لا يختلف إنجاب ثلاثة أطفال دون من يرعاهم عن كابوس حقيقي.
فور سماع الخبر، نسقت السلطات المحلية مع المنظمات الراعية لإحضار الأختين دو إلى قرية إس أو إس للأطفال في دونغ هوي لتربيتهما. قالت السيدة هوانغ ثي لينه، التي كانت ترعى دو مباشرةً في القرية: "عندما وصلت، لم تكن تتحدث أو تتواصل، بل كانت تنظر إلى كل شيء بحذر. عندما نظرت إليها في ذلك الوقت، شعرتُ بأسف شديد عليها! كنا نعلم أنها بحاجة إلى الوقت والحب الكافي لشفاء تلك الجروح".
للحب دائمًا سبيلٌ مُعجزٌ للشفاء. بالمثابرة والحب والمسؤولية، ساعدت أمهات قرية الأطفال SOS دو على فتح قلبه تدريجيًا. ساعدته وجبات الطعام الكاملة، وجلسات سرد القصص الليلية، والعناق اللطيف عندما تُفزعه الكوابيس، على التغلب على عقدة النقص لديه. بدأ يتعرف على رفاقه في السكن، ثم شارك في أنشطة مشتركة. ورغم خجله، لم تعد عيناه كئيبتين، وعرف وجهه كيف يبتسم. أصبح دو تدريجيًا أكثر انفتاحًا واجتماعية، وأظهر إرادةً قويةً جدًا للتغلب على الصعوبات.
سألتُه ذات مرة: ما أكثر ما ترغب فيه؟ فأجاب دو فورًا: أريد أن أدرس جيدًا وأن أكون ناجحًا حتى لا يحتقرني أحد في المستقبل. جعلتني الإجابة أبكي. فالطفل الذي تخلى عنه أحدٌ يومًا ما، لا يزال لديه رغبة في إثبات ذاته. دو طفلٌ مميزٌ جدًا!
قال السيد نجوين نغوك نينه، مدير قرية الأطفال SOS دونغ هوي: "ثانه دو من الأطفال الذين أثّروا فينا كثيرًا وشعرنا بالفخر. لقد عانى كثيرًا من الألم، لكنه لم يستسلم لحالته، بل يسعى دائمًا للتحسن. إنه مثابر، مهذب، عاطفي، ويتمتع بروح تخطّي الصعاب. إنجازاته الرياضية خير دليل على قيمة الحب والرعاية المناسبة والإيمان بالمستقبل". |
أشرق شغفك
نشأ هو ثانه دو في بيئة منضبطة ومحبة وموهوبة، واكتشف تدريجيًا شغفه الكبير بفنون القتال. في عام ٢٠٢٣، انضم إلى نادي فوفينام للفنون القتالية التابع لقرية الأطفال SOS الذي أسسه نجوين فان توين. ورغم أنه لا يتمتع بالقوة البدنية أو اللياقة البدنية التي يتمتع بها أصدقاؤه، إلا أن دو يتمتع بروح التحدي، مما يساعده على المثابرة والصبر في كل حركة.
يتمتع فتى برو فان كيو هو ثانه دو بشغف كبير بالفنون القتالية.-الصورة: TA
بعد أكثر من عام من التدريب الشاق، شارك دو في بطولة فوفينام في المرتفعات الوسطى لأول مرة عام ٢٠٢٤. في مواجهة منافسين أكبر سنًا وأكثر خبرة منه، لم ييأس الفتى المنتمي إلى أقلية عرقية. تنافس بشجاعة، مُظهرًا شجاعته ومهاراته الفنية، ففاز بالميدالية الفضية في فئة وزن ٤٥ كجم للرجال، للفئة العمرية من ١٢ إلى ١٥ عامًا.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي عام ٢٠٢٥، واصل دو المشاركة في البطولة، وحصد الميدالية الفضية المرموقة مرة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، فاز دو بالعديد من الميداليات الذهبية في المسابقات الإقليمية. هذا الإنجاز ليس مصدر فخر له فحسب، بل هو أيضًا هبة روحية لا تُقدر بثمن لمن أحبوه ودعموه طوال هذه السنوات الصعبة. قال توين: "إنجازات دو هي ثمرة تدريب متواصل. لم أفوّت أي جلسة تدريبية، حتى عندما كنت مريضًا قليلاً. كانت هناك مرة سقطت فيها وأصبت بكدمة في ساقي، لكنني مع ذلك كنت أطالب بمزيد من التدريب".
بالنسبة لدو، فنون القتال ليست مجرد رياضة، بل هي أيضًا وسيلةٌ لاستعادة ذاته. على المسرح، يُظهر قوته وثقته بنفسه، وهي أمورٌ ظنّ أنه يفتقر إليها سابقًا. والميداليات هي المكافأة، والدليل الحي على رحلة طفلٍ جُرح يومًا ما، مُقاومًا كل الصعاب.
عندما سُئل عن حلمه المستقبلي، أجاب دو: "أريد أن أصبح مدرب فنون قتالية لأُعلّم أطفالًا مثلي. كما أريد الالتحاق بالتعليم العالي لمساعدة أطفال الريف على عيش حياة أفضل". حلم بسيط ولكنه ذو معنى، نابع من قلب فتى عانى من الفقد والمصاعب.
في قرية الأطفال SOS دونغ هوي، ليس هو ثانه دو الطفل الوحيد الذي يمرّ بظروف صعبة. لكنه أحد أبرز الوجوه النموذجية للمثابرة في تجاوز الصعاب، وروح الصمود وعدم الاستسلام للقدر؛ دليلٌ حيّ على أن الحبّ الصادق قادر على تغيير الحياة.
راحة البال
المصدر: https://baoquangtri.vn/tin-o-ngay-mai-195602.htm
تعليق (0)