عندما كنتُ لا أزال في المدرسة، كانت الصحافة في ذهني مجرد كتابة مقالات جيدة، تُنشر على الصفحات الأولى؛ والذهاب إلى أماكن عديدة، ومقابلة العديد من الناس، وسرد القصص بالكلمات. كنتُ أتخيل الصحفي "راويًا للقصص المعاصرة"، يحمل دفترًا في يده، وكاميرا على كتفه، وعيناه تلمعان بالشغف والمُثُل العليا. كان كل شيء في الصحافة يتلألأ في داخلي كحلم جميل.
ثم عندما دخلتُ المهنة، بدءًا من التقارير الإخبارية القصيرة، والمقابلات غير المكتملة، والعمل المُرهِق وسط الحشود، أدركتُ أن الصحافة ليست بالبساطة التي يظنها الناس. إنها مزيج من الشغف والمنطق، من العاطفة والمبادئ، من الالتزام الدؤوب واليقظة في كل كلمة. إنها مهنة لا تتطلب مهارات كتابة جيدة فحسب، بل تتطلب أيضًا الإنصات والملاحظة والشعور، وطرح الأسئلة في الوقت المناسب، والصمت عند الضرورة.
مراسل صحيفة داك لاك خلال رحلة عمل في منطقة غمرتها الفيضانات في بلدية كوانج دين (منطقة كرونج آنا). |
كنت أظن أن مجرد معرفة الكتابة كافٍ. لكن اتضح أنه لكي أكتب بشكل صحيح وعميق، كان عليّ أن أتعلم الإنصات باهتمام، وأن أسافر كثيرًا، وأن أرى بقلبّي لا بعينيّ فقط. كنت أشعر بسعادة غامرة عندما تُنشر مقالاتي في الصحف. لكن لاحقًا، أدركت أن هناك فرحة أكبر، وهي عندما تُسهم مقالاتي في تغيير شيء ما نحو الأفضل، حتى لو كان صغيرًا جدًا.
لقد علمتني الصحافة أن أتطور من خلال الرحلات والأشخاص الذين ألتقي بهم. كل رحلة ليست مجرد مهمة، بل هي أيضًا رحلة استكشاف - اكتشاف الناس والأماكن، بل ونفسي. من رحلات العمل الطويلة في المناطق النائية، إلى العمل الشاق في مواقع الكوارث الطبيعية والأوبئة والأحداث السياسية والاجتماعية المهمة، نحن - الصحفيون - نتفهم ونتعاطف مع ما نشهده، ونزداد وعيًا بالمسؤولية الاجتماعية للكتاب.
ذات مرة، رافقتُ مجموعة عمل إلى بلدة كو بوي (مقاطعة كرونغ بونغ). هناك، التقيتُ بأطفال منونغ حفاة يعبرون الجداول للذهاب إلى المدرسة، ورأيتُ الناسَ يلتزمون بحقولهم ويحمون الغابات. بدت هذه القصص صغيرة، لكنها كانت تُقلقني كل ليلة وأنا أكتب كل سطر. بدأتُ الكتابة ليس فقط "للنشر في الصحيفة"، بل لنشرها، وللتعبير عن آرائي، وللمساهمة ولو بجزء بسيط في تغيير حياتهم.
سأتذكر دائمًا مرةً أخرى كنتُ أعمل فيها في قرية كرونغ (بلدة دور كمال، مقاطعة كرونغ آنا). في ذلك الوقت، غمرت الأمطار الغزيرة الطريق المؤدي إلى القرية، ومنعت المركبات من الدخول، واضطررتُ أنا وزملائي للسير قرابة ساعة. أحضرنا معنا كاميرات، وكاميرات فيديو، وأجهزة تسجيل، ومعاطف مطر، وبعض المستلزمات الضرورية للناس. في ذلك البرد القارس، صافحني رجلٌ مُسنّ قائلًا: "شكرًا لكم على عدم هجر القرية في الأوقات الصعبة". في ذلك الوقت، أدركتُ أن الصحافة لا تقتصر على تسجيل المعلومات فحسب، بل تشمل أيضًا المواكبة والمشاركة.
بصفتي مراسلًا، أعيش حياةً مختلفة. أحيانًا أكون من يُشارك ضحايا الانهيار الأرضي، وأحيانًا أكون من يُرافق شابًا ليبدأ مسيرةً مهنيةً في الجبال والغابات، وأحيانًا أكون من يُحضر بصمت جنازة جنديٍّ ضحّى بحياته من أجل واجبه النبيل.
بفضل الصحافة، برحلاتها العفوية، كوّنت أشخاصًا جريئين، حادي الذكاء، ومُلهمين. كل رحلة هي رحلة تعلّم، وفرصةً لفتح القلوب.
الصحافة، في نهاية المطاف، ليست مجرد مهنة، بل أسلوب حياة. أسلوب حياة مليء بالمشاعر، في مواقف متنوعة. أسلوب حياة، رغم المشقة والتعب أحيانًا، لا أستطيع التخلي عنه. لأنني أعلم أن هناك في مكان ما في العالم قصصًا كثيرة تحتاج إلى أن تُروى بصدق ومسؤولية وإنسانية.
المصدر: https://baodaklak.vn/xa-hoi/202506/nghe-cua-nhung-chuyen-di-c94030b/
تعليق (0)