في بعض الأحيان، عندما أتذكر طفولتي، وأبحث بين الذكريات القديمة، أرى صورة أمي، ونفسي، وأطباق أيام الشتاء الباردة، التي تثير في نفسي حنينًا لا ينتهي...
لطالما قالت أمي مازحةً إن الشتاء في مدينتنا "ميزة". ولا أحصي كم شتاءً مررتُ به في طفولتي، من الغريب إلى المألوف مع تلك الروائح في طعام أمي. حتى الآن، كلما تذكرتُه، لا يزال يخلّف ذكرى لا تُنسى.
من مكونات بسيطة وسهلة الحصول عليها، أصبحت البطاطا الحلوة المقلية طبقًا ريفيًا مألوفًا في حياة الناس.
ما زلت أتذكر بوضوح شديد، أنه في كل عام، حوالي العاشر من الشهر القمري، كانت الأمطار تهطل بغزارة، وتستمر طوال فصل الشتاء. كان موسم البحر هائجًا أيضًا، فنادرًا ما كان الناس يذهبون للصيد. لم تكن هناك سوى أسواق قليلة، لكن أسعار الطعام كانت باهظة للغاية. ولأن والدتي كانت تدرك "قانون التطور" هذا، فقد كانت غالبًا ما تُعدّ مؤنًا غذائية لفصل الشتاء مبكرًا جدًا.
منذ الصيف، استغلت والدتي شراء البطاطا الحلوة عندما يتم إحضارها للتو من الحقول، واختارت يومًا مشمسًا لتقطيع البطاطا وتجفيفها في الشمس لمدة ثلاثة أو أربعة أيام لجعلها مقرمشة بدرجة كافية ولمنع النمل الأبيض قبل وضعها في الجرار للتخزين.
في الأيام العادية، يستقر قدر البطاطا الحلوة بهدوء في ركن من أركان المطبخ، نادرًا ما يُلاحظ. لا تظهر قيمته الحقيقية إلا مع الأيام الممطرة والعاصفة. في موسم "الأرز والقرفة"، ولإشباع بطون الأطفال التي تنمو، غالبًا ما تُضيف الأم حفنة من البطاطا الحلوة إلى الأرز عند طهيه. وبالطبع، عادةً ما تكون البطاطا الحلوة حصة الوالدين، بينما يُترك الأرز الأبيض للأطفال. ولكن الأكثر شيوعًا هو أن تُحضّر الأم أسياخ البطاطا الحلوة للأطفال لتناولها على الفطور قبل المدرسة أو كوجبة خفيفة عندما لا تكفي الوجبتان الرئيسيتان إلا نادرًا.
من طريقة استخدام عيدان تناول الطعام لتقاطع الأيدي عند تحضير هذا الطبق، غالبًا ما يطلق عليه الناس الاسم الشائع جدًا "البطاطس المتقاطعة".
عند طهي البطاطا الحلوة، كانت والدتي تضيف إليها الفاصوليا السوداء أو القليل من الفول السوداني وسكر القصب لإضفاء نكهة مميزة على قدر البطاطا الحلوة. بعد طهي البطاطا الحلوة، كانت تستخدم عيدان الطعام لخفقها ذهابًا وإيابًا حتى يصبح الخليط ناعمًا، ثم تستطيع إخراجها وتناولها. ولعلّ سبب تسميتها بالبطاطا الحلوة المتقاطعة هو استخدامها عيدان الطعام لخفقها بيديها عند تحضيرها.
اشترت والدتي أيضًا سمك الماكريل والرنجة في موسمهما المناسب منذ بداية الصيف، فكان سعرهما زهيدًا جدًا. تابع خطوات التنظيف، وجففهما جيدًا، لكن عملية التخزين أكثر تعقيدًا وحرصًا لتجنب الصراصير والجرذان والعفن. في كل مرة تُعالَج فيها، تُنقع الأسماك المجففة عادةً في ماء الأرز لتليينها وتنظيفها من الأوساخ. أضف القليل من شحم الخنزير إلى المقلاة مع مزيج من الثوم والفلفل الحار وصلصة السمك الجيدة لطهي السمك؛ وفي الوجبات "الفاخرة"، أضف مكعبات لحم بطن الخنزير للطهي.
السمك المجفف المطهو ببطء طبق رائع يُؤكل مع الأرز، خاصةً في الأيام الممطرة الباردة. الصورة: الإنترنت.
خلال موسم الأمطار، تنمو الخضراوات البرية في حديقتنا بسرعة كبيرة. قطفتُ حفنة منها لسلقها وغمسها في الصلصة السميكة لطبق السمك المجفف المطهو ببطء. ولا شك أن الأطفال الجائعين كانوا يشعرون بجوع شديد عند تقديم طبق الأرز وطبق السمك المجفف المطهو ببطء. في برد الشتاء، أنا متأكدة من أنه لا يوجد طبقٌ ألذّ وأكثر عمليةً واقتصاديةً من هذا الطبق.
تذكرًا لمواسم الفيضانات، لجأت العائلة بأكملها إلى الملاجئ معًا، لكن والدتي لم تنسَ أن تحضر معها "المدخرات" من موسم الأمطار كضرورة أساسية للعائلة بأكملها لتجاوز الأيام الصعبة.
أفتقد شتاءات طفولتي التي مضت، حياتي الدافئة والمحبة. اليوم، أصبحت وجباتي اليومية أقل قلقًا، بل وأكثر أطباقًا. أحيانًا، وأنا أتذكر طفولتي، وأبحث عن ذكريات قديمة، أرى صورة أمي، ونفسي، وأطباق أيام الشتاء الباردة، مما يثير فيّ حنينًا لا ينتهي...
نجو ذا لام
مصدر
تعليق (0)