"لقد صنعنا لك عشًا مريحًا جدًا."
"ليس لأن الطفل شقي، بل لأننا هيأنا له بيتًا مريحًا للغاية" - هذه الجملة في المقال المنشور على الصفحة الشخصية للكاتبة "لونغ فو" على فيسبوك، والتي تجذب اهتمامًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي. بعد ساعات قليلة من نشره، حصد المقال 1.2 ألف إعجاب و1.1 ألف مشاركة، وأصبح موضوعًا نقاشًا ساخنًا بين العديد من الآباء والأمهات.
وتحديداً، يقول الكاتب في المقال : " هناك ظاهرة تحدث بهدوء، تبدو صغيرة، لكنها في الواقع علامة على الانسحاب الكامل من الطبيعة ومن قدرة الإنسان على شفاء نفسه.
يدخل العديد من الأطفال اليوم غرفًا مكيفة دون أن يدركوا حتى حرارة الجو، لكنهم يُصرّون على الاستحمام بماء ساخن. يفتحون أعينهم للضوء، ويُبقون الأبواب مغلقة طوال اليوم، ويعيشون في ضوء صناعي أكثر من ضوء الشمس. يلعبون حتى الواحدة أو الثانية صباحًا، وينامون حتى الظهر، ويكادون يفقدون إحساسهم بإيقاع الطبيعة.
ليس لأنهم سيئون، بل لأننا أعددنا لهم عشًا ناعمًا.
عشٌّ نظيفٌ بما يكفي، ومريحٌ بما يكفي لعدم الحاجة إلى التمرين، ودافئٌ بما يكفي لعدم ارتعاشه في الريح، ومشرقٌ بما يكفي لينسى الليل. لكن كلما كان العشّ مكتملًا، كلما قلّت قدرته على التكيف.
نعتقد أن الحب هو أن نمنح أطفالنا الأفضل. لكن تبيّن أن الأفضل أحيانًا ليس حقيقيًا.
لا توجد حياة تكون فيها درجة الحرارة 25 درجة دائمًا، ولا توجد حياة تحتوي فقط على ضوء ثابت مثل المصباح الكهربائي، ولا يوجد مستقبل حيث يمكن للطفل أن يكون آمنًا إذا كان يعيش فقط في منطقة الراحة.
لأن عندما لا يتم تدريب الجسم على الحرارة والبرودة والجوع والعطش والحركة وإيقاعات الليل والنهار... فإن منطقة التسامح، سواء الجسدية أو العقلية، سوف تضيق.
وبعد ذلك، مجرد حدث صغير مثل انقطاع التيار الكهربائي، أو تغير الطقس، أو الابتعاد عن المنزل، أو تناول طعام غريب، أو التعرض للانتقاد من قبل شخص ما... يمكن أن يصبح بمثابة صدمة كبيرة.
لم تكن الصدمة جسدية فحسب، بل عاطفية أيضًا. لأن تلك الروح لم تتواصل قط. لأن ذلك الجسد لم يضطر يومًا لتنظيم نفسه. لأن الكبار فعلوا كل شيء من أجله، وقرروا كل شيء من أجله.
لا يمكن للطفل أن ينمو بشكل صحي إذا لم يتنفس هواءً نقيًا في الصباح، أو يتعرق في الظهيرة، أو يبتل تحت المطر في فترة ما بعد الظهر، أو يذهب إلى الفراش في وقت مبكر من الليل.
لا يمكن للطفل أن يكون قوياً إذا كان يعيش تحت غطاء من الحماية دون أن يرتجف أو يتعثر أو يصاب بالتهاب في الحلق أو يبتل أو يرتجف أو يلهث لالتقاط أنفاسه.
لا يمكن للطفل أن ينمو بشكل طبيعي إذا كان يعرف فقط كيفية التدفئة بواسطة مكيف الهواء دون أن يعرف كيفية التدفئة بواسطة شمس الصباح أو عناق.
لقد خلقنا، دون قصد، جيلًا ذكيًا بما يكفي لاستخدام هواتفه، لكنه يفتقر إلى الشجاعة للتصرف بواقعية. جيلٌ واسع المعرفة بما يكفي للقراءة عن فيتامين د، لكنه يخشى الشمس. جيلٌ ماهرٌ بما يكفي لتشغيل مكيف الهواء، لكنه عاجزٌ عن التعرق لتبريد نفسه.
إذا لم نتغير، فسوف ننجب أطفالاً يتمتعون بالكثير من التسهيلات لكنهم يفتقرون إلى المقاومة، ودرجات علمية كثيرة لكنهم يفتقرون إلى القدرة على تنظيم أنفسهم، واتصالات افتراضية كثيرة لكنهم يفتقرون إلى الجذور الحقيقية.
وأفضل شيء يمكننا فعله الآن هو عدم شراء جهاز تنقية هواء آخر أو إضافة أي إنزيمات هضمية.
لكن: افتح النافذة، أطفئ مكيف الهواء، خذ طفلك إلى الخارج وتنفسوا الهواء النقي معًا، امشوا حافي القدمين على العشب، خذوا حمامات الشمس كل يوم، دعوهم يركضون ويلعبون مع التراب والرمال والشمس والرياح...
إنها هدية مجانية ولكنها اللقاح الأكثر طبيعية للأطفال لينمووا بصحة جيدة في كل من الجسم والعقل.
"استيقظ" الآباء بعد المنشور
ما كتبه الكاتب لونغ فو ليس نادرًا في أيامنا هذه. فكثير من الآباء، راغبين في "تقديم الأفضل لأبنائهم"، قد هيأوا بيئة معيشية مثالية: نظيفة، مشرقة، دافئة، بحيث لا يضطر أطفالهم إلى تحمل أي مضايقات من الطبيعة. يمكن للأطفال العيش على مدار السنة في درجة حرارة مستقرة، وتناول طعام مغذٍّ، وتجنب الشمس والرياح والأمطار، وحتى... الأوساخ.
لكن هذا "التمجيد" مدعاة للقلق. فجسم الطفل وعقله يحتاجان إلى التدريب في بيئة حقيقية: الحر والبرد، الجوع والشبع، الحركة والراحة، الليل والنهار. فعندما يُعزل الأطفال عن إيقاعاتهم الطبيعية، يفقدون بسهولة قدرتهم على التكيف. وعندما تتغير ظروف المعيشة فجأةً، مثل انقطاع الكهرباء، والسفر لمسافات طويلة، وتغير الطقس، فإن حتى أبسط الأمور قد تُشعر الأطفال بالتعب والقلق، بل والذعر.
علّق أحد الآباء على المنشور قائلاً: " قراءة عبارة "لا يمكن للطفل أن يكبر بصحة جيدة إذا لم يتنفس هواءً نقيًا في الصباح..." جعلتني أشعر وكأن أحدهم صفعني على وجهي. منزلي مغلق دائمًا، وطفلي ينام في مكيف الهواء طوال اليوم. ظننت أنني أحب طفلي، لكن اتضح أنني كنت أسلبه مقاومته الطبيعية دون أن أدرك ذلك."
كتب حساب آخر: " كنتُ أفخر بتوفير ما يكفي من وسائل الراحة لطفلي. الآن أدركتُ أنني كنتُ أنا من ربيته في قفص زجاجي. طفلي يعاني من حساسية تجاه الرياح الباردة، ويعاني من صداع بسبب الشمس، ويشعر بالتعب بعد اللعب في الخارج لمدة ٢٠ دقيقة. إنه أمرٌ مخيفٌ للغاية!"
يتشارك العديد من الآباء مخاوف مماثلة. يفقد أطفال المدن تدريجيًا قدرتهم على تنظيم درجة حرارة أجسامهم، ويقل تعرضهم للرمال والمطر والرياح، ويفتقرون إلى الخبرة في الطبيعة. لم يسبق للعديد من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و4 سنوات أن مشوا حفاة على العشب، ولم يتعرضوا للمطر قط، ولم يتصببوا عرقًا أثناء اللعب في الهواء الطلق. يخاف بعض الأطفال من الشمس والرياح والحشرات، وحتى التراب.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الانفصال لا يؤثر على الصحة فحسب، بل يؤثر أيضًا على النمو النفسي. بدأ العديد من الآباء والأمهات بالعودة إلى القيم الأساسية: فتح النوافذ لدخول ضوء الشمس، وإطفاء مكيف الهواء عند عدم الحاجة، وقضاء عطلات نهاية الأسبوع في السماح لأطفالهم بالخروج للعب والجري والمشي على العشب حفاة الأقدام واستنشاق الهواء النقي، وببساطة... العيش كطفل حقيقي.
لا أحد ينكر دور وسائل الراحة الحديثة، ولكن من المهم تحقيق التوازن. فالطبيعة ليست شيئًا يُخشى منه أو يُتجنب، بل هي "معلمة عظيمة" تُعلّم الأطفال القدرة على التكيف، والصدق العاطفي، والقدرة على البقاء في عالم متزايد التعقيد.
المصدر: https://baophapluat.vn/giat-minh-boi-bai-viet-tre-lon-len-trong-to-am-qua-em-post551776.html
تعليق (0)