إيلون ماسك، الذي لطالما هزّ عالم التكنولوجيا، وجّه ضربةً صادمةً لعملاقين، آبل وأوبن إيه آي. فرغم أن روبوت الدردشة الخاص به "جروك" يحتل المركز الثالث في متجر التطبيقات، رفع ماسك دعوى قضائية يوم الاثنين، متهمًا الشركتين بالتواطؤ للتلاعب بسوق الذكاء الاصطناعي.
إن هذه ليست مجرد قضية تتعلق بمكافحة الاحتكار، بل قد تكون معركة حياة أو موت لتشكيل مستقبل صناعة تبلغ قيمتها تريليون دولار.
مزاعم "المصافحة السرية"
لا تركز الدعوى القضائية على الأرقام المذكورة في المخططات، بل على أمر أعمق: دمج ChatGPT في نظام تشغيل iOS من Apple. ووفقًا لشركة xAI، يُعد هذا الإجراء احتكاريًا، مما يجعل ChatGPT الخيار الافتراضي والأنسب لمليارات مستخدمي iPhone حول العالم.
هذا يعني أنه إذا أراد مستخدمو iPhone استخدام روبوتات الدردشة المُولِّدة للذكاء الاصطناعي لأداء مهام بالغة الأهمية، فلن يكون أمامهم خيار سوى استخدام ChatGPT، وفقًا للدعوى القضائية. ويجادل ماسك بأن هذا "يُقيّد السوق"، ويُضيّق آفاق نموّ شركات مُبتكرة أخرى مثل Grok، التي تعتمد بشكل كبير على تفاعل المستخدم لتحسين وتطوير نفسها.
على منصة X، شنّ ماسك هجومًا مباشرًا أيضًا: "مليون تقييم، بمتوسط 4.9 نجوم لتطبيق Grok، ومع ذلك لا تزال Apple ترفض إدراج Grok في أي قائمة مميزة". هذا الاتهام موجه مباشرةً إلى "منافسة غير عادلة" مزعومة في متجر التطبيقات، حيث تملك Apple سلطة الحياة والموت على أي تطبيق.
لكن ردود المدعى عليهم تروي قصة مختلفة. ففي بيان سابق، صرّحت شركة آبل بأن متجر التطبيقات صُمم ليكون عادلاً وغير متحيز. في المقابل، رفضت كايلا وود، المتحدثة باسم OpenAI، الدعوى القضائية رفضًا قاطعًا، واصفةً إياها بأنها جزء من "نمط السيد ماسك المزعج طويل الأمد".
لفهم سبب عدوانية ماسك، علينا النظر في كيفية بناء إمبراطوريته التكنولوجية. مع سبيس إكس، أحدث ثورة في صناعة الطيران، ومع تيسلا، غيّر صناعة السيارات. والآن، مع إكس إيه آي، يسعى ماسك لتحدي أوبن إيه آي، الشركة التي شارك في تأسيسها لكنه تركها بسبب اختلاف في الرؤية.
أُطلقت xAI في مارس 2023، واندمجت بسرعة مع شبكة التواصل الاجتماعي X (المعروفة سابقًا باسم تويتر)، مما حوّل المنصة إلى "مختبر بيانات حي" للذكاء الاصطناعي. كان الاستحواذ على X بقيمة 33 مليار دولار مجرد خطوة أولى لتدريب Grok، وهو روبوت دردشة بأسلوب ماسك "الذكي والمتمرد".

أثارت صفقة تاريخية بين آبل وOpenAI دهشة إيلون ماسك. فبعد اتهامه OpenAI بخيانة مبادئها، رفع الملياردير دعوى قضائية ضد عملاق التكنولوجيا آبل (الصورة: جيتي).
المعركة التي تشكل قواعد اللعبة المستقبلية
مهما كانت دوافع ماسك، فإن القضية بالغة الأهمية وتتجاوز مجرد نزاع تجاري. ويتابع الخبراء القانونيون الأمر عن كثب، لأنها المرة الأولى التي تضطر فيها محكمة أمريكية إلى دراسة وتحديد ماهية "سوق الذكاء الاصطناعي" وكيفية تطبيق قانون مكافحة الاحتكار عليه.
وصفت كريستين بارثولوميو، الأستاذة في كلية الحقوق في بافالو، القضية بأنها "مؤشرٌ مُبكرٌ على المشاكل القانونية المُعقّدة التي سيُثيرها الذكاء الاصطناعي". وقالت لرويترز: "هذه فرصةٌ لمعرفة كيف ستتعامل المحاكم مع الذكاء الاصطناعي".
مع استحواذ آبل على 65% من سوق الهواتف الذكية في الولايات المتحدة، واستحواذ OpenAI، وفقًا للتقارير، على 85% من سوق روبوتات الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي، فإنّ حجة احتكار الذكاء الاصطناعي ليست بلا أساس. ستُشكّل نتيجة هذه القضية سابقة قانونية بالغة الأهمية قد تُشكّل المشهد التنافسي في صناعة الذكاء الاصطناعي لعقود قادمة.
في هذه الأثناء، تتوطد العلاقة بين Apple وOpenAI. في فعالية عُقدت مؤخرًا، لم يتردد سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، في وصف Apple بأنها "شركتي التقنية المفضلة بعد OpenAI". حتى أن ألتمان يتعاون مع مصمم Apple الأسطوري جوني إيف لتطوير منتج جديد كليًا لأجهزة الذكاء الاصطناعي.
وتعمل هذه الخطوات على تعزيز صورة التحالف الاستراتيجي الوثيق، مما يجعل مخاوف ماسك، على الرغم من أنها مبالغ فيها إلى حد ما، أكثر معقولية.
وراء الدعوى القضائية: سباق "الطامحين"
لا شك أن هذه الدعوى القضائية جزء من سباق محموم في مجال الذكاء الاصطناعي. يسعى إيلون ماسك، من خلال xAI، إلى مواكبة رواد مثل OpenAI وGoogle. يمنح تكامل Grok مع X أفضلية في البيانات، لكن يبدو أنه لا يكفي لتجاوز ChatGPT من حيث الشعبية وتكامل النظام.
قد تكون الدعوى القضائية استراتيجيةً من ماسك لجذب الانتباه، والضغط على المنافسين، وحتى تعطيل التعاون بين آبل وOpenAI. تُظهر هذه الدعوى قلق ماسك من عالم التكنولوجيا الذي تتضافر فيه "القوى العظمى" لتعزيز مواقعها، مما يُصعّب على "المتمردين" أمثاله السيطرة عليه.
بغض النظر عن النتيجة القانونية، من المؤكد أن هذه القضية ستُحدث تغييرًا جذريًا. إذا فاز ماسك، فقد تُجبر آبل وOpenAI على تخفيف قبضتهما، مما يفتح الباب أمام شركات ناشئة أخرى في مجال الذكاء الاصطناعي. أما إذا خسر، فسيترسخ مكانة OpenAI كـ"ملك الذكاء الاصطناعي"، وسيتعين على ماسك إيجاد استراتيجية مختلفة.
المصدر: https://dantri.com.vn/kinh-doanh/elon-musk-lai-kien-khi-ke-noi-loan-doi-dau-lien-minh-apple-openai-20250826205132314.htm
تعليق (0)