بأيديهم الدؤوبة، حملوا بأنفسهم كل حجر، وحفروا كل قطعة أرض، ونقلوا كل جذر زهرة من البر الرئيسي إلى الجزيرة. تارة يتوسلون، وتارة يشترون نباتات رخيصة مهملة، ويعتنون بها بصبر حتى أزهر كل برعم خجول. وهكذا، على مر السنين، تناوبت كل زهرة أقحوان، وصف من زهور السيم البرية، وشجيرة من الكوبية... على الإزهار. لا تتميز الجزيرة بجمال الزهور فحسب، بل تنضح أيضًا بحيوية إرادة وعزيمة أولئك الذين "يجعلون" حتى الصخور تزهر.
يستمتع السياح بشرب الشاي على مهل في جزيرة الزهور. |
في الجزيرة، تتعرج ممرات حجرية صغيرة حول حدائق الزهور، تؤدي إلى أكواخ خشبية ريفية على ضفاف الماء. يمكن للزوار الجلوس والتأرجح على الأراجيح الشبكية تحت ظلال أشجار الأريكا، والغار الهندي، والمانجو، والجاك فروت، وغيرها، وقراءة كتاب، أو ببساطة الاسترخاء والهدوء والاستماع إلى نبضات قلوبهم.
بخلاف المناطق السياحية الرسمية الأخرى، لا توجد في جزيرة هوا أي ترفيه صاخب، ولا مطاعم كبيرة أو منتجعات شاهقة، فكل شيء بسيط حتى لا يزعج هدوء المكان. وهذا ما يشجع العديد من السياح على العودة: شعور "العيش الهادئ" في قلب الطبيعة.
مسار هادئ في الجزيرة. |
لكل موسم زهور، ولكل مناسبة زيارة للجزيرة، عاطفة مختلفة. يأتي بعض السياح "ليشفوا" أرواحهم من جراح الحياة. ويأتي آخرون ليمنحوا أنفسهم يومًا من الراحة، بلا عمل، بلا مواعيد نهائية، بلا شبكات اجتماعية. وهناك أيضًا العديد من الأزواج الذين اختاروا هذا المكان لبدء علاقة، حيث يُعتزّ الحب بين أزهاره ومياهه الزرقاء.
خلف المناظر الطبيعية الخلابة لجزيرة هوا، تتجلى قصة شخصين عاديين تجرآ على الخروج عن روتينهما المعتاد ليزرعا أحلامهما في مكان ناءٍ. عندما أدركا أن السيدة هونغ تعاني من مشاكل صحية، غادرا المدينة وانتقلا إلى الريف، واختارا جزيرةً مهجورةً وسط بحيرة للعيش فيها. أثار هذا القرار شكوك الكثيرين، ظنًا منهم أن الزوجين يعانيان من "مشاكل" و"غير طبيعيين"... لكن بفضل الحب والصبر والتفاني، ازدهرت هذه الجزيرة حرفيًا ومجازيًا.
ما يميز جزيرة هوا هو أنها لم تُدار قط كمنطقة سياحية احترافية، فلا توجد قوائم أسعار، ولا موظفو خدمة، ولا مرشدون سياحيون، بل كل شيء يُدار بلطف وود وبساطة مُلفتة. يُشجع الزوار على إحضار الطعام، مع ضرورة الحفاظ على النظافة العامة، والأهم من ذلك، الحفاظ على الهدوء والسكينة المتأصلة هنا.
عند وصولي إلى جزيرة الزهور، شعرتُ وكأنني في حلمٍ ضائع، حيث لم يكن هناك سوى أزهارٍ متفتحة، وعبيرٍ زكي، وزقزقة طيورٍ تعزفها أنغام الرياح. رؤية الأطفال يلعبون، وإعجابهم بالزهور التي رأوها لأول مرة، مثل أزهار السيم والموا، أعادت إليّ ذكريات طفولتي. رائحة الزهور، وصوت الطيور، والسكينة... كلها لامست روحي وجسدي، مما جعلني أرغب في البقاء هناك طويلًا. - السيدة نغو ثانه ها، سائحة من با دينه - هانوي .
يجد الكثير من الزوار هنا ملاذًا بعد شهور من ضغوط العمل. يأتي بعضهم مرة واحدة، ثم يعودون في العام التالي مع عائلاتهم. هناك مجموعات من الشباب يعزفون على الآلات الموسيقية، ويستمتعون بالطعام معًا تحت ظلال الأشجار. الجزيرة ليست مجرد وجهة، بل هي أيضًا ذكرى جميلة، ذكرى جميلة سيظل الناس يتذكرونها إلى الأبد.
"مجيء إلى جزيرة هوا، ولمس السلام" - ليس إعلانًا، بل شعورٌ حقيقيٌّ يفهمه كل من زارها. الجزيرة ليست كبيرةً جدًا، وليست فخمةً، وليست مُبهرجةً، لكن كل خطوةٍ فيها تُشعرك بأنك محبوبٌ من الطبيعة والناس. في صخب اليوم، تُذكّرنا جزيرة هوا فاميلي بدفءٍ ولطفٍ بأن السلام موجودٌ دائمًا، ينتظر عودتنا.
المصدر: https://baothainguyen.vn/van-hoa/202507/den-dao-hoa-tha-hon-vao-binh-yen-d251f84/
تعليق (0)