دور البحث والتطوير في النمو الاقتصادي
وفي كلمته في حفل افتتاح منتدى البحث والتطوير في فيتنام 2025 (VRDF 2025) صباح اليوم (30 يوليو)، أكد البروفيسور الدكتور نجوين دوك كونغ، مدير التنمية الدولية في مجمع جامعة ليونارد ديفنشي، رئيس AVSE Global، أن فيتنام تدخل عصر النمو مع الدور المهم للعلم والتكنولوجيا والابتكار.
وقد تأكّد ذلك بإصدار المكتب السياسي القرار رقم 57 بشأن الإنجازات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار والتحول الرقمي الوطني. وأكد القرار أن العلوم والتكنولوجيا والابتكار والتحول الرقمي عوامل حاسمة في تنمية البلدان، وهي شروط أساسية وفرص مثالية لبلادنا لتحقيق نموّ غنيّ وقويّ في العصر الجديد - عصر نهضة الأمة.
أكد البروفيسور الدكتور نجوين دوك كونغ أن القرار رقم 57 يُعدّ خطوةً رائدة، إذ يضع العلم والتكنولوجيا والابتكار أساسًا وأهميةً حقيقيةً وقوةً دافعةً لانطلاقة البلاد. وبناءً على ذلك، لا بد لأي دولة تسعى إلى التنمية من أن تمتلك منظومةً علميةً متطورة، فبدون البحث العلمي، يستحيل الابتكار.
وتظهر الخبرة الدولية أن البحث والتطوير يشكلان القوة الدافعة الرئيسية التي تساعد بلداناً مثل فرنسا وكوريا الجنوبية وسنغافورة وإسرائيل على تحقيق التقدم والتحول بنجاح.

ألقى البروفيسور دكتور نجوين دوك كونغ الكلمة الافتتاحية في منتدى VRDF 2025 (الصورة: اللجنة المنظمة).
أظهرت دراسة أجراها مصطفى ويو عام ٢٠٢١ في ٣٥ دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن زيادة الإنفاق على البحث والتطوير بنسبة ١٪ يمكن أن تزيد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة ٢.٨٣٪. وهذا يعكس الدور المحوري للابتكار في النمو الاقتصادي طويل الأجل.
تشير إحصاءات البنك الدولي لعام 2024 إلى أن إنفاق فيتنام على البحث والتطوير مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي قد ارتفع من 0.30% في عام 2013 إلى 0.43% في عام 2021. ولا يزال هذا الرقم منخفضًا للغاية مقارنة بمتطلبات التنمية في السياق الحالي.
يحدد القرار رقم 57 هدفًا يتمثل في أن يصل الإنفاق على البحث والتطوير إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، وأن يُشكل الإنفاق الاجتماعي أكثر من 60% منه؛ وأن يُخصص ما لا يقل عن 3% من إجمالي الميزانية السنوية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار وتطوير التحول الرقمي الوطني، على أن تزداد هذه النسبة تدريجيًا وفقًا لمتطلبات التنمية. وسيُعاد هيكلة نظام منظمات العلوم والتكنولوجيا والابتكار لضمان الفعالية والكفاءة والترابط الوثيق بين البحث والتطبيق والتدريب.
ومع ذلك، لا تزال فيتنام تواجه تحديات أخرى عديدة، مثل محدودية القدرة على استيعاب التكنولوجيا وإتقانها، وضعف التواصل بين الشركات والجامعات. إضافةً إلى ذلك، لم تُوظّف فيتنام مواردها الفكرية المحلية بفعالية، بما في ذلك فريق من الخبراء الفيتناميين العالميين، ولم تُعزّزها بالشكل المناسب.
اقتراح اتجاهات فعالة للبحث والتطوير في فيتنام
وفي المنتدى، شارك السيد نافي راجو، المفكر والمستشار في مجال الابتكار والقيادة في وادي السيليكون، والباحث في جامعة كامبريدج، وعضو مجلس المستقبل العالمي في المنتدى الاقتصادي العالمي بالمملكة المتحدة، بمنظور جديد تمامًا ومناسب لسياق فيتنام مع التركيز على "القيام بالمزيد بموارد أقل".
يعتقد أن نسبة الاستثمار في البحث والتطوير إلى الناتج المحلي الإجمالي تعكس جانبًا واحدًا فقط من أداء الابتكار في أي بلد. ولا يقل أهميةً عن ذلك كيفية الابتكار؟ من سيجري البحث والتطوير؟ لماذا نحتاج إلى البحث والتطوير؟ هذه هي العوامل الأساسية التي تُسهم في نجاح الابتكار.
أشار الخبير إلى الوضع الراهن في مجال البحث والتطوير: استثمار أكثر وعائد أقل. وضرب مثالاً على ذلك بصناعة الأدوية الأمريكية التي تنفق حالياً مبالغ طائلة على البحث والتطوير، حيث تضاعفت استثماراتها عشرة أضعاف، لكن كفاءة الاستثمار منخفضة للغاية، ولا تُحدث تأثيراً اجتماعياً يُذكر. أما في الهند، فرغم قلة الموارد، إلا أن كفاءة الاستثمار فيها أعلى.

السيد نافي راجو هو مفكر ومستشار في مجال الابتكار والقيادة في وادي السيليكون (الصورة: BTC).
واستشهد بمثال ملايين الأطفال الخدّج في الولايات المتحدة الذين يُعتنى بهم في حاضنات تكلف آلاف الدولارات. ومع ذلك، ابتكرت دراسة علمية في الهند حمالة أطفال بتكلفة 200 دولار، لكنها بنفس فعالية الحاضنات باهظة الثمن في الدول المتقدمة.
مثال آخر ذكره خبير وادي السيليكون هو أنه في عام ٢٠١٥، أطلقت منظمة أبحاث الفضاء الهندية (ISRO) مسبارًا إلى مدار المريخ بتكلفة ٧٤ مليون دولار فقط. في حين احتاجت ناسا ٦٧١ مليون دولار لمهمة مماثلة. تبلغ ميزانية ناسا السنوية ٢٥ مليار دولار، بينما تبلغ ميزانية ISRO السنوية الإجمالية حوالي ١.٥ مليار دولار فقط، أي ما يعادل ثلاثة أسابيع من إنفاق ناسا.
وأكد نافي راجو أنه "عندما تكون الميزانيات محدودة ولكن الطموحات كبيرة، فإن حدود الجدوى لم تعد في الأرقام".
انطلاقًا من النموذج الهندي، يقترح مُفكّر وادي السيليكون نموذجًا فعّالًا للبحث والتطوير في فيتنام في ظلّ ندرة الموارد. يرتكز هذا النموذج على ثلاثة ركائز أساسية: التوفير، والمرونة، والكفاءة.
وفيما يتعلق بمحور الادخار، قال السيد نافي راجو إنه من الضروري تغيير عقلية البحث والتطوير للاستثمار في التكنولوجيا الجديدة.
أشار الخبير إلى أن "البحث والتطوير لا يقتصران دائمًا على ابتكار شيء جديد، بل على إعادة استخدام ما هو موجود بالفعل بذكاء. إنه اقتصاد معرفي دائري، يُعيد استخدام المعرفة القديمة في مهام جديدة".
استشهد بشركة ناشئة في المملكة المتحدة تستخدم خوارزميات التعرف على الوجه لحل مشكلة جديدة: تشخيص قصور القلب. يُكلف هذا المرض المملكة المتحدة حوالي ملياري جنيه إسترليني سنويًا. من أعراضه الشائعة تورم الكاحلين. تستخدم الشركة الناشئة تقنيةً موجودةً للتعرف على صور كاحل المرضى.
الركيزة الثانية التي ذكرها نافي هي المرونة. بدأت العديد من دول العالم بإنشاء مراكز ابتكار أعمال في الجامعات ومعاهد البحث. تُسهم الروابط الوثيقة بين المدارس والشركات في زيادة كفاءة البحث عندما يتفاعل أصحاب الأعمال والمثقفون يوميًا.
الركيزة الثالثة هي الاستدامة. ويضرب الخبراء مثالاً بالبرازيل، التي أنشأت مركزاً للبحث والتطوير في مجال الطبيعة، وحديقة تكنولوجية. تتعاون هذه الحديقة مع العديد من الشركات، وتُطوّر منتجات عالية القيمة مرتبطة بالطبيعة. وتخطط الصين حالياً أيضاً لتطوير نموذج مماثل.
وأكد السيد نافي راجو أن "فيتنام لديها العديد من الفرص لتحقيق قفزة إلى الأمام بمسار نمو اقتصادي ومرن ومستدام".
المصدر: https://dantri.com.vn/kinh-doanh/chuyen-gia-thung-lung-silicon-noi-cach-de-viet-nam-tang-truong-nhay-vot-20250730111351649.htm
تعليق (0)