يشهد قطاع السياحة العالمي تعافيًا قويًا من جائحة كوفيد-19، لا سيما بفضل المشاركة النشطة للشباب. يُبرز هذا الازدهار اتجاهات جديدة، مثل استكشاف وجهات سياحية أقل شهرة، والسياحة القائمة على الفعاليات، والدمج الفعال بين التكنولوجيا وتجارب السفر.

في أعقاب جائحة كوفيد-19، تشهد السياحة العالمية ازدهارًا ملحوظًا، لا سيما بين الشباب. لم يُحدث هذا التوجه تغييرات جوهرية في طريقة سفر الناس فحسب، بل يعكس أيضًا اتجاهات سفر جديدة ناشئة عالميًا.
وفقًا لجين صن، الرئيسة التنفيذية لشركة Trip.com، إحدى أكبر شركات خدمات السفر في العالم، فإن انتعاش السياحة مدفوعٌ بطلب جيل الشباب. فهم يتوقون لاستكشاف وجهات جديدة أقل شهرةً بدلًا من الوجهات السياحية التقليدية. وهذا لا يُسهم في تنويع خريطة السياحة العالمية فحسب، بل يُتيح أيضًا فرصًا اقتصادية جديدة لمناطق لم تكن تحظى بالاهتمام الكافي سابقًا.
بفضل التعاون بين شركات السفر وأنظمة النقل العام، مثل شبكة السكك الحديدية اليابانية، أصبح الوصول إلى هذه الوجهات أسهل. وهذا يُسهم في تقديم تجارب جديدة ومثرية للمسافرين الشباب الباحثين دائمًا عن تجارب مختلفة ومُثيرة.
بالإضافة إلى استكشاف وجهات جديدة، تشهد السياحة القائمة على الفعاليات رواجًا متزايدًا. فالحفلات الموسيقية الكبرى، والفعاليات العالمية مثل جولة تايلور سويفت، والأحداث الرياضية الدولية، تجذب أعدادًا كبيرة من السياح. وصرحت السيدة صن بأن هذه فرصة رائعة للدول للاستثمار في البنية التحتية السياحية وجذب الزوار الدوليين. ويشهد الجمع بين السياحة والترفيه رواجًا متزايدًا، حيث سجلت منصة Trip.com نموًا يصل إلى 70% خلال العام الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب التكنولوجيا، وخاصةً الذكاء الاصطناعي، دورًا هامًا في تعزيز تنمية السياحة. فالذكاء الاصطناعي لا يُحسّن كفاءة العمل فحسب، بل يُحسّن أيضًا تجربة العملاء. في Trip.com، يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين خدمة العملاء، مما يُساعد مركز الاتصال على الاستجابة السريعة وتقليل وقت معالجة طلبات العملاء. إن الجمع بين التكنولوجيا والسياحة لا يُوفر الراحة فحسب، بل يُساعد أيضًا على تحسين الأنشطة السياحية، بدءًا من حجز تذاكر الطيران والفنادق وصولًا إلى الخدمات الإضافية.
قبل جائحة كوفيد-19، كانت الصين أكبر سوق للسياحة الخارجية في العالم، حيث شكلت 25% من السياحة العالمية. ورغم تأثرها الشديد بجائحة كوفيد-19، عاد السياح الصينيون تدريجيًا بأعداد كبيرة. وتتوقع السيدة صن أن يستمر عدد السياح الصينيين في الارتفاع بشكل حاد في عام 2024، متجاوزًا أرقام عام 2019. ومن المتوقع أن يظل هذا السوق أحد المحركات الرئيسية لنمو السياحة العالمية.
أشارت السيدة صن أيضًا إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية في قطاع السفر اليوم: السفر الترفيهي، والسفر المستدام، والسفر الملائم لكبار السن. يتزايد اهتمام المستهلكين بالرحلات منخفضة التأثير على البيئة، لا سيما مع انتشار وسائل النقل الصديقة للبيئة، مثل السيارات الكهربائية. وقد تضاعف عدد حجوزات السيارات الكهربائية على منصة Trip.com خلال العام الماضي.
وبالإضافة إلى ذلك، تبرز السياحة الصديقة لكبار السن أيضًا باعتبارها اتجاهًا مهمًا، حيث من المتوقع أن تحقق هذه المجموعة السكانية إيرادات كبيرة في السنوات القادمة.
مع ذلك، ورغم فرص النمو الهائلة، لا يزال قطاع السياحة يواجه ثلاثة تحديات رئيسية: مشاكل التأشيرات، وتوافر الرحلات الجوية، وجودة الخدمات. ويمكن للدول التي تطبق سياسات الإعفاء من التأشيرة أن تعزز السياحة بشكل كبير، لا سيما في الأسواق الكبرى مثل الصين. وقد شهدت دول مثل سنغافورة وماليزيا وتايلاند نموًا يصل إلى 200% بفضل هذه السياسات.
مصدر
تعليق (0)