بعض الدواوين الشعرية للصحفي نجوين تيان دات - تصوير: NK
يعرف الكثيرون الشاعر والصحفي نغوين تين دات، لأنه قبل رحيله عن هذا "العالم المؤقت"، خلّف وراءه إرثًا زاخرًا من الشعر والقصص القصيرة والأعمال الصحفية. أما أنا، فمنذ أن كنت طالبًا في الأدب، كنت أتردد في أواخر عصر يوم هوي على المكتبات قرب جسر ترانج تين، على ضفاف نهر هونغ، لأقرأ قصائده المنشورة في مجلة "كين ثوك نجاي ناي" الشهرية: "عُد إلى النهر/للنهر عيون حالمة/الصياد العجوز/ليرتفع المساء إلى الأفق..." (حديث مع حبيب سابق).
في زياراتي التالية لمنزلي، كنتُ ألتقي بعائلته كثيرًا على متن عبّارة ماي كسا ذهابًا وإيابًا إلى دونغ ها، لأن منزله ومنزلي كانا على بُعد حقل واحد فقط. بعد تخرجي، التقيتُ به مجددًا في "البيت المشترك" لصحيفة كوانغ تري . كان سبب حب دات لي واحترامه لي هو وجود أمٍّ عجوزٍ في الريف نتطلع دائمًا إلى العودة إليها.
لذلك، يتجلى في قصائده ريف لام شوان الفقير، حيث توجد أم عجوز وبعض فتيات القرية: "وُلدنا على ضفاف الأنهار، على ضفاف الأنهار/ محتضنين جسدكِ، نبحث عن الروبيان والجمبري" (نهر الحياة)؛ "يا للريف الفقير! نعم يا أمي/ قلبي يخفق شوقًا" (جيو لينه)، وهو يُقرّ دائمًا: "مع أنني أحب الورود، وأُقبّل البنفسج/ أقرأ قصائد بوشكين وأُمسك بأيدي الجميلات/ ما زلتُ سحر قريتي/ حيث تفتح حبات أرز الشتاء أجنحة الشمس" (سحر). لأنه في ذلك الريف يجد دات والدته وأخته دائمًا: "دموعكِ، كما أظن/ قطرات ندى من السماء/ أنا كصرصور النار/ عطشان دائمًا للندى" (عشر سنوات).
عندما كنا نتحدث عن والدتي العجوز، كنا أنا وأخي نتحدث كثيرًا عن التضحية. قال: "عندما كنت أدرس في هوي، كانت والدتي تخرج كل ظهر كل يوم لتضع بعض المكياج، وتنظر إلى وجهي النحيل، ثم تحمل ماصة لتقطع خشب الحور، وتقسمه إلى خمس أو سبع قطع لتجف في الشمس، ثم تأتي به إلى سوق هوم لبيعه والحصول على المال اللازم لدخولي. كنت أعود إلى المنزل عادةً لبضعة أيام، ولكن عندما اضطررت للعودة مبكرًا للامتحان، لم يكن خشب الحور قد جف بعد، ولم أتمكن من جني أي مال، فأعطتني والدتي كيسًا من الأرز، ودفعتني خارج الباب، ونظرت خلفي فرأيت دموعها تنهمر على وجهها."
أخبرتها: "أمي تبيع شايًا مثلجًا. في بعض الليالي، تضطر للبقاء مستيقظة حتى الواحدة أو الثانية صباحًا تنتظر شبان القرية الذين يغازلون الفتيات ليأتوا ويكملوا أكواب الشاي. لأنها إن لم تبع كل الماء والسكر والفاصوليا، ستطعم أطفالها غدًا، أما إذا ذاب الماء المثلج، فستخسر مالها غدًا. في بعض الصباحات، أستيقظ فأرى عيني أمي حمراء ومنتفخة." تبادلنا أنا وأخي النظرات وهتفنا: "يا له من أمر صعب!"
منظر طبيعي لقرية جيو ماي - صورة: TL
عندما يتعلق الأمر بالمشقة والبساطة، لديّ أنا ودات الكثير من القواسم المشتركة. فرغم شهرته كصحفي، إلا أنه لا يزال متمسكًا بشخصيته الصادقة والبسيطة، وخاصةً حبه للشرب على حصيرة الخيزران في زاوية شرفتي. أتذكر عندما كنت أبني منزلًا، كان يأتي كل عصر، ويوقف دراجته أمام البوابة، ويدخن سيجارة، ويهمس لي: "حاول أن تبني شرفة واسعة لتجد مكانًا للشرب. حاول أن تُبهر الجميع، وإذا كنت بحاجة إلى المال، فسأقرضك".
فعلتُ ما طلبه، أن تكون الشرفة واسعة بما يكفي لفرش سجادة مربعة تتسع لأربعة أشخاص. تراكمت عليه الديون، وطلب الاقتراض عدة مرات وهو يحك رأسه. يا له من هدوء! لكن في ظهيرة أحد الأيام، عاد مسرعًا، ووجهه مبتسم.
"لديّ المال، يمكنكَ أنتَ وزوجتكَ المجيء إليّ الليلة لاستلامه." اتضح أنه فازَ لتوّه بجائزة صحفية وربحَ بضعة ملايين دونغ، فأعطاه لزوجته لتقرضني إياه لبناء منزل. كان دائمًا صادقًا، من النوع الذي لا يستهين بالمال.
"تعود وتبيع حصائر الغون/ انتهى نسج حصائر الغون لتيت/ لا آخذ فلسًا واحدًا/ في موسم البرد أجلس وأشعل النار" (أتحدث إلى حبيبي السابق). هل هناك نموذج أجمل للرجل، هل هناك زوجة أسعد من "امتلاك" زوج حنون ومجتهد وهادئ في الحياة. يأخذ المال على محمل الجد ويبتعد عن صخب الحياة اليومية، دات واثق دائمًا من أن: "طالما أن هناك راتبًا وإتاوات، فأنا أحتقر الديون/ ستعيش تشي تشي حتى يشيب شعرها" (أذكر نفسي). وهو دائمًا يضحك بفخر: "تشي تشي أيضًا إنسان/ المال والمال والعالم يتصارعان على المنصب/ الطعام والملابس والشهرة/ صعودًا وهبوطًا، هذا الرجل لا يزال هو نفسه" (يضحك بفخر في سن الثلاثين).
في ذلك الوقت، كانت الساحة وزاوية شرفتي "مكانًا للترفيه" يزوره دات يوميًا. تدريجيًا، اعتدتُ على ذلك، وكنتُ أشعر بالفراغ إن لم يعد إلى المنزل بعد الظهر. لم يكن هناك طعام شهي، فقط جرة كاملة من نبيذ طبي تُسكب في زجاجة، وبعض السمك المجفف كطعم، وأحيانًا عندما يكون في حاجة ماسة، كان يمد يده ويقطف بعض المانجو الخضراء من حديقة جاره ويغمسها في الملح. لم يكن صعب الإرضاء طالما كان لديه "ساحة لعب" للجلوس والدردشة. يجب أن أعترف أنه كان يمتلك موهبة اختلاق القصص التي تجعلنا نصدقها، ولكن للأسف، كان ذلك عندما "يحكي القصص مع النبيذ"، وليس عندما يرويها قروي لام شوان. في كثير من الأحيان، عندما تُكشف أكاذيبه، كان دات يضحك ويعترف بأنه كان يُسلينا فقط.
لكن القدر شاء، فلم يستطع بيتي المربع أن يستوعبه. قال حينها: "سأوسع الشرفة هذه المرة، وأضيف بعض الطوب لأجعلها أكثر إشراقًا ليأتي الشباب ويشربوا الخمر". فعل ذلك، وذهبتُ لأراه، ولكن للأسف، قبل أن أتمكن من شرب الخمر معه في ذلك البيت المربع، جرّه حادث غير متوقع إلى حقول لام شوان. عندما أخرجته، انهارت والدته، فساعدتها على النهوض، وساعدتها على تجاوز الألم الموجع. "ماذا أفعل، ماذا أفعل بشكل مختلف/ما الذي آمله! أطمئن أمي/فجأة هذا المساء، أقف وحدي على ضفاف النهر/عائدًا إلى مدينتي، أنادي على العبارة المهجورة/فزع -جسد أمي- أمام السماء والغيوم..." (نهر حياة الأم).
كانت القصائد بمثابة طريقته للاعتذار لوالديه لعدم قيامه بواجباته الأبوية، ولكن بالنسبة لنجوين تيان دات، يبدو أن هذه القصائد لم تضيع بل "لا تزال هنا في ذكرى" أقاربه وأصدقائه.
هو نجوين خا
المصدر: https://baoquangtri.vn/nguyen-tien-dat-van-con-day-thuong-nho-194401.htm
تعليق (0)