عندما كنت صغيرًا، كنت أنتظر أمي كثيرًا لتحكي لي القصص، بينما يمر أبي بي كنسيمٍ هادئ. كان يعود إلى المنزل بعد أمي، وعندما يأكل، نادرًا ما يتحدث، ثم ينشغل بكومة أوراق أو بمجموعة أدوات قديمة. في تفكيري الطفولي آنذاك، كان أبي مجرد شخص يعيش في نفس المنزل، وليس في قلبي حقًا.
بعد ذلك بكثير، عندما تركتُ عائلتي وبدأتُ حياةً مستقلةً مليئةً بالهموم، جمعتُ كلَّ جزءٍ من ذكرياتي. في صباحات الشتاء الباردة، كنتُ أجدُ حذائي جافًا ودافئًا. حينها، ظننتُ الأمرَ بديهيًا. الآن فهمتُ: كان والدي هو من استيقظَ قبل صياح الديك ليجففَ حذائي، حتى لا تبردَ أقدامُ ابنته عند ذهابها إلى المدرسة. دراجتي التي كنتُ أركبها، وقلمُها الجديد في بداية العام الدراسي، وعلبُ الكعكِ التي وُضعت سرًّا في حقيبتي المدرسية - كلها كانت حبَّ والدي، الصامت، الكتوم، ولكنه حنونٌ وصادق.
كان والدي رجلاً قليل الكلام، لا يجيد التعبير ببلاغة. لكنني رأيت الحب في عينيه وهو يقف خارج الزقاق منتظرًا عودتي، وفي العرق الذي يبلل قميصه وهو يركب دراجته ليأخذني تحت الشمس الحارقة، وفي مراقبته الصامتة لي كلما غادرت الريف عائدًا إلى المدينة...
لم يحظَ ذلك الرجل بيوم راحةٍ حقيقي. تُعدّ العطلات للآخرين وقتًا للتسلية والترفيه والاسترخاء، لكن والدي ينتهز الفرصة لإصلاح الباب المكسور، أو تقليم الأشجار في الحديقة، أو طهي طبق ابنته المفضل عندما يعلم أنني قادمٌ لزيارته... بالنسبة لأبي، السعادة تكمن في رؤية أبنائه أصحاء، يدرسون جيدًا، ويعيشون حياةً هانئة.
كثيراً ما أعبّر عن حبي لأمي بسهولة، لكن لأبي يصبح التعبير عنه أصعب ما يكون. مع ذلك، أبي لا يطلب ولا يلوم. هذا "الطلب البسيط" هو ما يجعلني أعتقد خطأً أنه لا يحتاج. لكنني الآن أعرف أن أبي أيضاً شخص عادي ذو قلب ينبض. هو أيضاً بحاجة إلى الحب والرعاية، حتى لو كان مجرد سؤال بسيط.
قال أحدهم ذات مرة: "حب أبي، إن لم يُعبَّر عنه، سيبقى كرسالةٍ لم تُطلَق - ضائعة إلى الأبد". كنتُ أعتقد أن الوقت سيظلّ موجودًا دائمًا. اليوم مشغول، وغدًا سأتصل بأبي. هذا الأسبوع مزدحم، والشهر القادم سأزوره. لكن في إحدى المرات، عندما عدتُ، رأيتُ أبي جالسًا منهكًا على الدرج بعد أن حمل أصيص زهور، وشعره يكاد يكون أبيض، فأصابني الذعر وأدركتُ: هل يمكنني أن أتأكد من أن أبي سيظل موجودًا غدًا لينتظر؟ أم سيأتي يومٌ لا أستطيع فيه سوى قول كلمات الحب أمام صورته، وتصبح كل التساؤلات عذابًا مدى الحياة؟
لا أريد أن تتأخر مشاعري تجاه أبي. أتصل به أكثر. لا أقول له كلمةً كبيرة، فقط أسأله: "كيف حالك يا أبي؟"، فيقول، وأنفه يحرقه...
حاولتُ العودة إلى المنزل أكثر، وتناول وجبات العائلة ببطء، والاستماع إلى أبي وهو يروي قصصًا قديمة كنتُ أعتبرها مملة. في كل مرة كنتُ أفعل ذلك، كنتُ أشعر وكأنني أردُّ جزءًا من الحب الذي منحه لي أبي طوال حياته. لكن اتضح أن الحياة لم تكن سهلة أبدًا. كان هناك وقت شعرتُ فيه دائمًا أنها سهلة، لأن أبي كان يتحمّل الجزء الصعب من حياتي.
وأنت أيضًا.
لا تحب والدك فقط بالذكريات.
الحب في العمل-الآن.
لأنه لا أحد في العالم يستطيع أن يحل محل الأب.
مرحبا بالحب، الموسم الرابع، تحت عنوان "الأب" تم إطلاقه رسميًا في 27 ديسمبر 2024 على أربعة أنواع من الصحافة والبنية التحتية الرقمية للإذاعة والتلفزيون وصحيفة Binh Phuoc (BPTV)، واعدًا بإيصال القيم الرائعة للحب الأبوي المقدس والنبيل إلى الجمهور. |
المصدر: https://baobinhphuoc.com.vn/news/19/173836/nguoi-dung-sau-de-con-vuon-xa
تعليق (0)