
في ظهيرة أحد أيام أغسطس عام ٢٠٢٤، سافرتُ أنا وزملائي عبر النهر الأحمر حاملين حقيبة ظهر صغيرة، وكاميرا، ودفتر ملاحظات، وموضوعًا صحفيًا كلفتنا به هيئة التحرير: "كتابة سلسلة مقالات عن السياحة على طول النهر الأحمر من منظور وتجربة السياح تجاه مهرجان النهر الأحمر عام ٢٠٢٥". قد يظن الكثيرون أن الكتابة عن السياحة مجرد سرد قصص للمتعة، لكنها في الحقيقة إيجاد طرق لاستغلال ونقل رسائل حول علاقة التنمية بالأراضي من خلال لغة وصور أصيلة، ومشاعر مناسبة ومسؤولة. لم نسافر بالسيارة ولا بالقطار، بل اخترنا الدراجات النارية لنرى بوضوح المنحنيات، والمسارات الضيقة التي تمر عبر الحقول، والضفاف والشواطئ البكر، والناس الكادحين على طول النهر الأحمر... ولنتوقف كلما دعتنا قلوبنا.
رحلة عبر النهر الأحمر - اكتشف جمالًا لا نهاية له
من لاو كاي - حيث يتدفق النهر الأحمر إلى فيتنام، باتباع الطرق على طول النهر، وبعد مرور ما يقرب من يومين على ين باي، وفينه فوك، وفو تو، وهانوي ، وهونج ين، وها نام، ونام دينه، وتاي بينه، وصلنا إلى المكان الذي يلتقي فيه النهر بالمحيط عند مصب با لات.

كنا قد قطعنا قرابة 400 كيلومتر. ثم، في صباح باكر عند مصب النهر، توقفتُ، واخترتُ زاوية تصوير، وجلستُ طويلًا، أُحدّق في الأفق بهدوء. أشرقت الشمس من البحر، وامتدّ ضوءها الأحمر الخافت تدريجيًا فوق الماء الهادئ. حملت الرياح طعمًا مالحًا. بعد رحلة الألف ميل، اندمج النهر بهدوء في المحيط الشاسع. اختنقتُ، تأثرتُ بتلك اللحظة، ليس فقط بسبب جمال المنظر، بل لأنني شعرتُ أنني أقف أمام شيء حقيقي للغاية: التقاء النهر بالبحر، بين ذاتي الصغيرة ورحلة تحمل مسؤولية كبيرة.

ثم عدنا أدراجنا. لم تكن رحلة سهلة، التقطنا الصور، وصوّرنا، واجتمعنا، ودوّننا الملاحظات أثناء سيرنا. كانت هناك أيامٌ حارقة، فأخذنا قيلولةً على أرجوحة في مقهى على جانب الطريق. كانت هناك مسافاتٌ طويلة من الطريق، لا نسمع فيها سوى صفير الرياح. وكانت هناك أيامٌ غطّى فيها المطر النهر، فلم نكن نستطيع إلا الاحتماء تحت سقف مقهى على ضفة النهر، ونشاهد بصمت قطرات الماء تتساقط في الماء الفسيح. وكانت هناك أيامٌ اضطررنا فيها لقضاء ساعاتٍ في البحث عن مكانٍ للإقامة، لأن المناطق الريفية لم تكن جميعها صاخبةً ومريحةً...

لكننا رأينا أيضًا الطرق المتعرجة عبر حقول الأرز، والسهول الرسوبية الخصبة، وقرى الفخار والنسيج والنجارة التي لا تزال تعتمد على الطمي الأحمر لاستمرار ازدهارها. استمتعنا بخدمات السياحة الصحية في أحد أفخم المنتجعات في المدينة الجبلية، واستمتعنا بالموز الملكي، والسمك المطهو ببطء في مسقط رأس تشي، أو شعرية ثعبان البحر، وأطباق فو هين المميزة، والتقينا بأشخاص أخبرونا عن الحياة، عن الحياة، عن التاريخ، عن الثقافة، وحتى عن أبسط العواطف...

كانت هناك أوقات كنا ننعطف فيها إلى طريق ترابي لمجرد أننا رأينا جسرًا فوق النهر أمامنا. كان هذا الطريق يؤدي إلى بركة طينية عميقة لدرجة أننا اضطررنا إلى النزول عن الدراجة والسير عليها، حتى أصبحنا متسخين بالطين حتى سراويلنا. ولكن في المقابل، حصلنا على صورة لجسر تان دي على الطريق السريع رقم 10، يعبر النهر الأحمر مع مرور سفينة، وأشجار البونسيانا الملكية في المقدمة جميلة كلوحة فنية. كان من الرائع اللحظة التي أوقفنا فيها الدراجة فجأة لأننا رأينا رجلاً يجدف بقارب سلة في منتصف النهر في با لات، نحيفًا، وظهره منحنيًا، يتحرك ببطء كما لو كان مرتبطًا بالنهر طوال حياته. رُفعت الكاميرا على عجل، في الوقت المناسب تمامًا لالتقاط لقطة عادية جدًا ولكنها مخيفة. أتذكر وجه المرأة التي توسلت إلينا للبقاء وتناول الإفطار معًا في قرية الصيد كاو بينه. أو في فترة ما بعد الظهيرة في منتزه شوان ثوي الوطني (نام دينه)، رفرف طائر اللقلق بجناحيه وحلق من بين الشجيرات، رفعت أنا وزميلي كاميراتنا على الفور، لم تكن هناك حاجة لقول أي شيء، لم تكن هناك حاجة للصراخ، فقط نظرنا إلى بعضنا البعض وعرفنا: "التقط صورة الآن".
أحيانًا، تكون الصورة هي كل ما نحتاجه لالتقاط جمال الحياة. أتذكر ظهيرة قرية نوم (هونغ ين)، وأشعة الشمس تتساقط على كتفي امرأة تركب دراجتها عبر الجسر، ورائحة معجون الفاصوليا المخمر في منزل بقرية دونغ لام القديمة (هانوي)... في لحظات كهذه، لم أستطع استحضار أي جمل قيّمة، لكنني جمعت العديد من المواد الخفية لأكتب كتابةً عاطفية وصادقة.

بعد رحلة طويلة، عدنا إلى لاو كاي في عصر أحد الأيام، حين بدأ المطر يهطل فجأة، وكأنه يُذكّر الصحفيين بأن لكل نهر منحدراته، ولكل رحلة مصاعبها. عندما نظرتُ إلى المياه المتدفقة، شعرتُ براحة بال. ليس لأنني قطعتُ مسافة كافية، بل لأنني وصلتُ للتو إلى المكان الصحيح.
سألني أحدهم: "هل السفر مُرهقٌ هكذا؟" ضحكتُ، لا أعرف الإجابة الصحيحة. لا يكمن إرهاق الصحفي في الرحلات الشاقة أو الطويلة التي تمتد لآلاف الكيلومترات، ولا في السهر لساعات متأخرة من الليل لتعديل الجمل، بل في الشعور بأنه في خضمّ بحرٍ هائل من المعلومات، وفي كيفية الحفاظ على صوتٍ صادق، وفي كيفية جعل القراء يرغبون في التوقف لبضع دقائق مع مقالٍ من تسعة أجزاء، بمئات الآلاف من الكلمات.

جلستُ لأكتب عن رحلتي في منتصف يونيو/حزيران 2025، الشهر الذي سبق الذكرى المئوية ليوم الصحافة الثورية الفيتنامية. قضينا عشرة أشهر كاملة في تلك الرحلة، ونُشرت خلالها تسع مقالات وعشرات الفيديوهات وسلاسل الصور. كانت الرحلة رحلة حنين إلى الماضي، جعلتني أدرك أن هناك مقالات لا تبدأ بكلمات، بل بالتزام، ولا تنتهي على الورق، بل في قلوب القراء. وهكذا، وفيتُ بوعدي لنفسي - أن أكتب بصدق المشاعر.

شكرًا أيها النهر على منحنا رحلة. شكرًا للصحافة على منحنا دافعًا للسفر. لا يزال النهر يتدفق، ومسيرة الكتابة لا تزال مستمرة. لا يزال أمامنا نحن الصحفيين رحلاتٌ كثيرة لنبدأها. ليس لاكتشاف شيء جديد، بل للاستماع إلى المألوف بعمق.
المصدر: https://baolaocai.vn/ba-lo-may-anh-va-hanh-trinh-xuoi-nguoc-song-hong-post403590.html
تعليق (0)